زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص662
للتوبة وتقريرا لها، والاصرار عليها، فالعمل الصالح والاصلاح هو الاصرار عليها كما مر من قبل فتذكر وقاعدة الاصول تقتضي تعلق ” إلا ” بالجملة الاخيرة على ما رجحناه في الاصول، فيكون ” الذين ” في محل النصب بأنه مستثنى عن اولئك لعدم الفسق حينئذ أي كلهم فاسقون إلا التائب.
ولكن الظاهر أن الشهادة أيضا تقبل بعد التوبة، وإن لم يكن هنا المستثنى متعلقا به من جهة القاعدة، ومن جهة أنه يلزم أن يكون المستثنى المختار الجر بالبدلية، ولم يصح أن يكون في حالة واحدة معربا باعرابين موافقين فكيف بمخالفين وما نقل في مجمع البيان من كون رجوع الاستثناء إلى الجملتين قول أبي جعفر و أبي عبدالله عليهما السلام، ليس معناه الرجوع بحسب التركيب واللفظ بل بحسب المعنى والمسألة ويجوز أن يكون متعلقا بهما هنا بخصوصه للنص، والعلم يكون الحكم كذلك ويتكلف في صحة اللفظ بأن يكون قبل هذا الاستثناء استثناء آخر راجع إلى الاول محذوف بقرينة المذكور أو يكون منصوبا والمختار إنما يكون فيما لا محذور فيه تأمل.
واعلم أن من جملة أدلة تعلق القيد بالاخيرة لزوم ورود عاملين على معمول واحد، على تقدير تعلقه بأكثر فتأمل، وأن هنا تغير الاسلوب أيضا يدل على قطع ” اولئك ” عما قبله فيكون الاستثناء له فقط فتأمل وأما عدم تعلقه بفاجلدوا فظاهر فان التوبة لم تسقط الحد الذي هو حق الناس، ويؤيده تعليقه بهما بالمعنى المتقدم أن الكافر إذا تاب تقبل توبته، وليس القذف بأعظم منه، بل معلوم أنه أسهل وأيضا الزاني إذا تاب تقبل توبته، فالقاذف بالطريق الاولى فإنه أسهل ذنبا فان الرمي بالفاحشة أسهل من فعلها وهو ظاهر، وأيضا الكافر إذا رمى وفعل غيره أيضا من أنواع المحرمات تقبل توبته، فالتائب هنا بالطريق الاولى، وقد ادعي في الاولين الاجماع في مجمع البيان وفي الآخر في الكشاف، ثم قال وروي عن أبي جعفر عليه السلام أنه يجلد القاذف وعليه ثيابه، ويجلد الرجل قائما والمرأة قاعدة.
ومن شرط توبة القاذف أن يكذب نفسه فيما قاله، فان لم يفعل ذلك لم يجب قبول