زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص566
أذاه أذى الله تعالى.
ويمكن أن يكون معنى الآية الله يعلم أنه صلوات الله عليه وآله لما حصل له الاذى والندامة وضيق الخلق بسبب الفتنة التي فعلن كما هو عادة النساء على ما نراها الآن أيضا فاراد منع نفسه عن هذا الامر الذي هو سبب ذلك وإن كان محبوبا عنده ومستلذا به إرادة مرضاتهن حتى لا تصير فتنة فقال منعت نفسي عن هذا ولا أرتكبه أبدا، فقال الله تعالى لم تمنع نفسك عن مشتهياتك بسب مرضات زوجاتك فان رضاك وهواك مقدم على رضاهن فافعل ما تريد وإن فعلن هن ما أردن والاثم لهن لا لك فيكون التحريم بالمعنى اللغوى كما في قوله تعالى ” وحرمنا عليه المراضع ” أي منعنا موسى عن ارتضاع امرأة مطلقا إلا امه حتى رجع إليها.
ونقل في الكشاف عن الشعبي: لم تمتنع منه؟ إلى قوله ونحوه قوله تعالى:” ( وحرمنا عليه المراضع ) ” أي منعناه منها، ويحتمل أيضا أن يكون المعنى الشرعى ويكون صلى الله عليه وآله يعرف حلية ذلك إما بالعقل أو بالوحي، وقد كان مكروها فالله تعالى ذكر أنك لم تترك هذا المباح وتفعل المكروه لمرضات زوجاتك وهن لا يستحقن أن تترك لهن ما تحب، وتفعل ما تكره وأكره أنا أيضا ذلك لك، فلا زلة للنبي صلى الله عليه وآله في هذه الآية بتحريم ما حلل الله كما قال في القاضي حاشاه فان مثل ذلك لا يجوزون لادنى متفقه بل عامي فكيف لاكرم خلق الله وأعزه عند الله وأعلمهم، بل تحريم ما حلله الله كفر مع العلم، والظاهر أن مع الجهل لا شئ عليه لكنه منتف هنا، فلا دلالة.
والعجب من الكشاف أنه قال: وكان هذا زلة منه لانه ليس لاحد أن يحرم ما أحل الله لان الله عزوجل إنما أحل ما أحل لحكمة ومصلحة عرفها في إحلاله فاذا حرم كان ذلك قلب المصلحه مفسدة، لان عدم جواز تحريم ما أحله الله ظاهر ولا يحتاج إلى الدليل ومعلوم انتفاؤه عنه صلى الله عليه واله.
والله غفور
لكل مؤمن فيغفر لمن يريد بالعفو أو بالتوبه بأن يوفقه له و ” رحيم ” قد يرحم لمن يشاء، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أن هذا الذي فعلت