پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص543

وأقرب إلى التقوى عليم بما يعملونه على أي وجه يعملونه.

واعلم أن في الامر للمؤمنين بحفظ الفروج فقط مع أمر المؤمنات في الآية الثانية به، وبعدم إبداء الزينة مع الاصل وحصر المحرمات دلالة ظاهرة على عدم وجوب الستر من المحرمات على الرجال، سوى فروجهم، فبدنهم ليس بعورة وإن كان رؤيته عليهن حراما، فلا يجب عليهم الستر من باب المعاونة على الاثم والعدوان وإن علموا بذلك لما تقدم، ويمكن تحريم ذلك لو قصدوا ذلك فتأمل ودلالة أيضا على أن عورتهم ليس إلا الفرج، والفرج يطلق على المخرجين.

الثانية: وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن(1).

هذا ظاهر في نهي النساء عن النظر إلى الاجانب أصلا ورأسا، ويؤيده خبر ابن ام مكتوم المشهور(2) ” ولا يبدين زينتهن ” أي مواضعها ” إلا ما ظهر منها ” فبعد الاستثناء يبقى ما بطن وسيجئ الاستثناء منه أيضا بقوله ” إلا لبعولتهن ” الآية في الكشاف الزينة ما تزينت به المرأة من حلى أو كحل أو خضاب، فما كان ظاهرا


(1) النور: 32.

(2) روي عن أم سلمة أنها قالت: كنت أنا وميمونة عند رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل علينا ابن أم مكتوم بعد آية الحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وآله لنا: احتجبا ! فقلنا: يا رسول الله إنه أعمى، فقال: أفعميا وان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ أخرجه أبوداود والترمذى وصححه والنسائى والبيهقى في سننه عن أم سلمة كما في الدر المنثور ج 5 ص 42.

اقول: قد اشتبه المراد من آية الحجاب على بعض كالمؤلف رضوان الله عليه، فتوهم أن المراد بآية الحجاب في هذا الحديث آية النور المبحوث منها وليس كذلك، بل المراد آيه الاحزاب: 54 ” وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب.

ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن ” ففرض أن لا يتكلموا إلا وبينهم وبينهن حجاب من ستر، وهذا الحكم من مختصات أمهات المؤمنين.

وقوله صلى الله عليه وآله ” احتجبا ” يعني ادخلا وراء الستر، فقالا إنه أعمى يعنون أن عماه كالغشاء والستر بينه وبينهن، فقال صلى الله عليه وآله، هذا ستر يستركن عن عينه ولا يستره عن عيونكن، وقد كان الواجب حجاب يستر على الجانبين.