زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص462
وفيه مقدمة وأبحاث أما المقدمة ففيها آية واحدة مشتملة على أحكام كلية.
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود(1).
الوفاء والايفاء القيام بمقتضى العقد والعهد، والعقد العهد الموثق المشدد بين اثنين، فكل عقد عهد دون العكس، لعدم لزوم الشدة والاثنينية، وفي الكشاف العقد العهد الموثق، وهي عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف الخ، ويحتمل كون المراد العقود الشرعية الفقهية ولعل المراد أعم من التكاليف والعقود التي بين الناس وغيرها كالايمان، والايفاء بالكل واجب فالآية دليل على وجوب الكل فمنها يفهم أن الاصل في العقود اللزوم.
احلت لكم بهيمة الانعام
يحتمل أن تكون إشارة إلى بعض تفصيل العقود، قاله في الكشاف، فالايفاء بمثل الواجب هو اعتقاد حل أكلها، ووجوبه مع الحاجة، ويحتمل أن يكون المراد إباحة أكل لحمها أو مطلق الانتفاع بها قيل البهيمة كل حي لا تميز له، وقيل كل ذات أربع، وإضافتها إلى الانعام للبيان: أي البهيمة من الانعام، وهي الازواج الثمانية، والحق بها الظبا وبقر الوحش وحماره، وقيل هي المراد بالبهيمة وهذا تخصيص غير واضح، فإن الظاهر شمولها لجميع ذوات الاربع أو كل حي لا تميز له، ولا يبعد إرادة ذلك من الانعام أيضا ويكون ذكرها للتأكيد كما يفهم من مجمع البيان.
فتدل على إباحة كل ذلك، مثل الحمار والفرس والبغل وغيرها، ويخرج ما علم تحريمه بدليله، مثل ” حرمت عليكم الميتة ” ويؤيده العموم قوله ” إلا ما يتلى عليكم ” أي إلا الذي يتلى عليكم آية تحريمه أو محرم ما يتلى عليكم، كقوله
(1) المائدة: 1.