زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص417
بعضا باللقب السوء الذي لا يرضى به صاحبه، النبز مختص باللقب السوء عرفا ” بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ” أي بئس الجمع بين الايمان والفسق، فلا يطلق الفاسق على المؤمن، وفيه إشعار بعدم الاجتماع بينهما فتأمل ” ومن لم يتب ” عما نهي عنه ” فاولئك هم الظالمون ” بوضع العصيان موضع الطاعة، وتعريض النفس للعذاب.
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن
(1): أي كونوا على جانب منه وإنما ذكر الكثير ليحتاط في كل ظن، ويتأمل حتى يعلم أنه من أي قبيل من الظن، فان منه ما يجب اتباعه كالظن، حيث لا قاطع فيه من العمليات، و حسن الظن بالله، وما يحرم كالظن في الالهيات والنبوات والامامات وحيث يخالفه قاطع، وظن السوء بالله وبالمؤمنين، ومباح كالظن في امور المعاش ” إن بعض الظن إثم ” تعليل للامر، والاثم الذنب الذي يستحق به العقاب ” ولا تجسسوا “: ولا تبحثوا عن عورات المسلمين، والنهي عن تتبع عورات المسلمين في الاخبار كثير مثل لا تتبعوا عورات المسلمين فان من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته(2).
ولا يغتب بعضكم بعضا
أي لا يذكر بعضكم بعضا بالسوء قولا أو فعلا إشارة وكناية، وصريحا، وبالجملة هي ما يفهم من قوله صلى الله عليه وآله حين سئل عن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، فان كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته، لعل المراد بالذكر إظهار ما يكره باللسان وغيره، كما ذكره العلماء وصرح به في الروايات ” أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ” تمثيلا لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه، مع مبالغات: الاستفهام المقرر، والاسناد إلى أحد، فانه للتعميم وتعليق المحبة بما هو في غاية الكراهة، وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الانسان، و جعل المأكول لحم الاخ الميت، وتعقيب ذلك بقوله ” فكرهتموه ” تقريرا وتحقيقا لذلك، والمعنى إن صح ذلك أو عرض عليكم فقد كرهتموه، ولا يمكنكم إنكار
(1) الحجرات: 12.
(2) الكافي ج 2 ص 354.