پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص336

ولهذا كان بعض الانبياء يخافون من الاعداء وهاجر نبينا صلى الله عليه وآله من مكة المعظمة إلى المدينة المشرفة، وخاف موسى على نبينا وعليه السلام من عصاه حتى قيل له ” لا تخف(1) ” ونقل أنه بعد ذلك أخذه بكمه وغير ذلك، ولهذا وجبت التقية.

وبالجملة عدم وجوب التوكل بهذا المعنى الذي فسر بحسب الظاهر واضح بل معلوم كونه حراما إذا كان جهلا وإيقاعا في المهلكة، فلابد من التأويل إما بما مر ونحوه، أو تخصيصه بالبعض على بعض الوجوه والاحوال والازمان، كما أشرنا إليه.

إن الله يحب المتوكلين

في مجمع البيان: يعني الواثقين والمعتمدين عليه والمنقطعين إليه، والواكلين امورهم إلى لطفه وتدبيره، ثم قال فيه: في هذه الآية دلالة على اختصاص نبينا صلى الله عليه وآله بمكارم الاخلاق ومحاسن الافعال، ومن عجيب أمره صلوات الله عليه وآله أنه كان صلى الله عليه وآله أجمع الناس لدواعي الترفع ثم كان أدناهم إلى التواضع وذلك أنه عليه السلام كان [ أوسط الناس نسبا وأوفرهم حسبا وأسخاهم و أشجعهم وأزكاهم وأفصحهم وهذه كلها من دواعي الترفع، ثم كان ] يرقع الثوب ويخصف النعل، ويركب الحمار، ويعلف الناضح، ويجيب دعوة المملوك، ويجلس على الارض، ويأكل على الارض(1) ثم في الآية أحكام نقلناها لاجلها.

قال في مجمع البيان: وفي الآية ترغيب للمؤمنين في العفو عن المسئ و حثهم على الاستغفار لمن يذنب منهم، وعلى مشاورة بعضهم بعضا فيما يعرض لهم من الامور ونهيهم عن الفظاظة في القول، والغلظة والجفاء في الفعل، ودعاهم إلى التوكل عليه، وتفويض الامور إليه وفيها أيضا دلالة على القول باللطف لانه سبحانه نبه على أنه لو لا رحمته لم يقع اللين والتواضع، ولو لم يكن كذلك لما أجابوه فبين أن الامور المنفرة منفية عنه، وعن سائر الانبياء ومن يجري مجراهم في أنه حجة على الخلق وهذا يوجب تنزيههم أيضا عن الكباير لان التنفير في ذلك أكثر انتهى كلامه رحمه الله، وهو كلام حسن وكأنه يريد بالترغيب الاستحباب


(1) مجمع البيان ج 1 ص 207.