پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص335

منه تعالى والاثر المترتب على فعل العبد والاصلح من الله، فيتكل على الله لا على فعله، ويعتقد ذلك.

فليس معناه الواجب أن لا يفعل شيئا أصلا ويتكل عليه بأن يريد الزرع و الربح من غير عمل ويقول أنا متكل على الله لانه واجب أو يريد الرزق بغير طلب كذلك أو يريد هلاك العدو والغلبة عليه بغير قتال والتدبير، أو يريد الخفاء عن العدو ولا يختفي عنه بما يقدر مع علمه بطلبه له، أو يقدر على الهزيمة ولا يفعل بل يقول: الله يحفظ وأنا متوكل عليه لان الفعل والسعي أيضا مطلوب ومرغوب بل واجب في بعض الاوقات كالتوكل، وإلقاء النفس في التهلكة حرام وإن الله تعالى لا يفعل أمثال ذلك غالبا إلا بالاسباب التي تكلف العباد بها.

نعم قد يفعل ذلك بلا سبب بالنسبة إلى الانبياء والاولياء إن أراد، فاذا علموا ذلك فلهم أن يفوضوا إليه بالكلية كما ورد في الاخبار بالنسبة إلى بعض الائمة عليهم السلام من عدم هربهم عن الاسد، وقولهم إنه لو لم يعص الله الشخص لقدر على حمل الاسد مثل الدابة، فلا يقاس فعلهم بفعل غيرهم، ولا يجعل قولهم كليا.

فما ورد أن التوكل على الله هو أن لا يخاف أحدا غير الله، ويعلم أن غيره لا يضر ولا ينفع، ولا يسأل أحدا شيئا ويقطع الطمع عمن سواه تعالى، كأنه مؤول بما قلناه من أنه النافع، والقادر على دفع الضرر، وإن أراد النفع ينفع من غير مانع وكذا الضرر، وكذا قادر على دفع العدو وضرره، أو أنه لا يخاف غيره خوفا يوقعه في المحرمات وترك الواجبات، وكذا يعتقد أن غيره يضر وينفع، فيقع فيهما لذلك وكذا السؤال، كما قيل مثل ذلك في التأسف والحزن على ما فات والفرح بما هو آت اللذين هما منهيان بالآية الشريفة(1) والسنة الكريمة وغيرها من الآيات والاخبار التي هي مؤولة مثل ما ورد في صفة المؤمن.

ومما يؤيد ذلك أن الانسان مخلوق ضعيفا وبالطبع يخاف مما يؤذيه ويضره ويريد ويميل إلى ما ينفعه ويشتهيه، ولهذا كلف واثيب بالطاعات وترك المعصيات


(1) يعني قوله: لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم، الحديد: 23.