پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص318

ومحمد صلى الله عليه وآله، وقيل هي في المستضعفين بمكة الذين نزل فيهم ” ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ” وإنما كان ذلك لان أمر دينهم ما كان يستتب بين ظهراني الكفرة، في مجمع البيان: بين تعالى أنه لا عذر في ترك طاعته فقال: يا عبادي – الآية – فاهربوا من أرض يمنعكم أهلها من الايمان والاخلاص في عبادتي، وقال أبوعبدالله عليه السلام معناه إذا عصي الله في أرض أنت فيها، فاخرج منها إلى غيرها، فيمكن أن يستدل بها على الهجرة من دار الكفر التي لا يقدر على إظهار شعائر الاسلام، و كذا على الهجرة من الدار التي تكون كذلك فتأمل.

الرابعة: ” والذين هاجروا في الله(1) ” أي تركوا منازلهم ومواضعهم في حق الله ولوجهه ” من بعدما ظلموا ” أي من بعد ما ظلمهم أعداؤهم مثل المشركين وغيرهم ” لنبوء‌نهم في الدنيا حسنة ” أي لنسكننهم في الدنيا بلدة حسنة أحسن مما اخرجوا وهاجروا عنه ” ولاجر الآخرة أكبر ” أعظم وأحسن مما أعطيتم في الدنيا ” لو كانوا يعلمون ” أي الكفار أن الله يجمع للمهاجرين أجر الدنيا والآخرة، لرغبوا في دين الاسلام، وتركوا أذى المؤمنين وإخراجهم، إذ لو علم المؤمنون ذلك الجمع وما اعد لهم في الجنة، لازدادوا سرورا وحرصا على التمسك بالدين ” الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ” هم الذين صبروا على المهاجرة والمجاهدة، وبذل النفس في سبيل الله، وأذى المخالفين، وهم الذين يتوكلون على ربهم لا على الغير.

فهي دالة على استحباب المهاجرة ووجوبها عن دار الكفر والخلاف لو ظلموا أو اذوا ولم يتمكنوا من إقامة لوازم الدين، وعلى كثرة الاجر في ذلك، وعلى الصبر والتوكل، وهو ظاهر وإن كانت نازلة في حق جماعة متخلفين بعد مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة، مثل بلال وصهيب وروي أن صهيبا قال للمشركين أنا رجل كبير إن كنت معكم لم أنفعكم وإن


(1) النحل: 41.