زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص316
ويقيم في بلادها من غير إظهار شعائر الاسلام، ويظهر خلافها على وجهها، ولهذا ما شرط البعض عدم المندوحة فيما ورد فيه النص بخصوصه للتقية، كالكتف وغسل الرجلين نعم لو آل الامر إلى عدم إظهار الاسلام، ولزوم إظهار الكفر، والموافقة معهم في ذم الشرع، ومساعدتهم، يجب الفرار منهم، وإن لم يفهم من الآية للعقل والنقل ويمكن فهمه منها أيضا بالقياس.
والحاصل أنه إذا علم أن الكون في بلد حرام لعدم إمكان فعل وقول ما يجب عليه مطلقا، وليس بمعذور فيه، وليس مما فيه التقية، وليس له بدل بحيث لا يعاقب بالكون، فيجب الفرار والهجرة إلى محل يتمكن من ذلك، ولكن إثبات ذلك مشكل لان كل واجب مشروط بالامكان، وعدم المانع والضرر، فمع عدم الامكان و وجودهما لا يجب ذلك الامر، بل يكون حراما، فلا يعلم عدم جواز الكون حينئذ ولهذا يجوز السفر إلى محل التيمم وإلى محل يأخذون الاموال بغير اختيار إلا أنه معلوم في بعض الامور مثل الكون في محل لا يتمكن فيه من فعل الصلاة مع إمكانها في غير ذلك المحل مع القدرة إليه.
وقد يعلم من كلام بعض الاصحاب في تحريم السفر يوم الجمعة بعد الزوال مع وجوبها، أن كل ما يوجب لسقوط الواجب فهو حرام، ويفهم من بعض الاخبار أيضا مثل الرواية المشتملة على أنه وقع شخص في أرض لم يوجد فيها إلا الثلج قال عليه السلام: يتيمم به ولا يعود إلى مثل هذه الارض التي توبق أهلها ولكن ما قالوه ممنوع بل منقوض والرواية محل التأمل إذ يجوز التيمم والذهاب إلى موضع لا يكون فيه الماء للوضوء إلا أن يقال التيمم بما يباح أولا وبالذات مثل التراب يجوز، وكذا الذهاب إلى تلك الارض وإيجاد أساببه عمدا، دون ما لا يجوز التيمم به إلا اضطرارا مثل الثلج أو تحمل على الاستحباب ولا شك أن الفرار إن لم يكن له مانع(1) وسبب، راجح من البلد الذي لم يتمكن من إظهار جميع أحكام الايمان والاسلام فيه، إلى بلد يمكنه ذلك، بل لو علم أنه فيه أولى كما قاله في الكشاف
(1) مال خ.