زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص175
الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد وأنه لا يختص به مسجد دون مسجد ” فان مضمونها تحريم المباشرة حين الاعتكاف في المساجد – بعد أن سلمنا إرادة عموم المساجد أي أي مسجد كان – ولكن ما يفهم جواز الاعتكاف في أي مسجد كان، بل تحريم المباشرة في أي مسجد يجوز الاعتكاف [ ويتحقق الاعتكاف فيه ] وقد يكون ذلك مخصوصا ببعض دون بعض، كما قيل إن مالكا يقول باختصاصه بالجامع، وكذا بعض أصحابنا وبعض يقول باشتراطه في مسجد جمع فيه معصوم جمعة، وقيل جماعة، فخصص البعض بالاربعة المسجدين ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، وبعضهم بالثلاثة الاول، و بدل البعض البصرة بالمداين وهو بعيد، وقال في الكشاف: وقيل: لا يجوز إلا في مسجد نبي وهو أحد المساجد الثلاثة، وقيل في مسجد جامع والعامة على أنه في مسجد جماعة وقرأ مجاهد ” في المسجد ” انتهى، لعل المراد بالثلاثة مسجد الحرمين ومسجد الاقصى، والجامع المسجد الاعظم، وهذا يدل على عدم فهم العموم و فهم الاختصاص إلا أن يقال: إنهم فهموا العموم وخصصوا بدليل، وإن كان يلزمهم خلاف ظاهر الآية، ولكنه غير بعيد ولا عزيز.
كتاب الزكوة – البحث الاول في وجوبها ومحلها
وفيه آيات: الاولى: ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم آلاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكوة والموفون بعدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون(1).
أي ليس الخير والفعل المرضي كله صرف الوجه في الصلاة إلى القبلة حتى يضاف إليه سائر الطاعات، فيكون الخطاب للمسلمين أيضا أو يكون الخطاب لاهل الكتاب، فإنهم لما أكثروا الخوض في أمر القبلة حين حولت وادعى كل طائفة أن البر هو التوجه إلى قبلته فاليهود يدعي أن البر هو التوجه قبل المغرب أي إلى بيت المقدس، والنصارى قبل المشرق قال الله تعالى ليس البر ذلك بل البر المعتمد عليه هو بر من آمن بالله الآية، فهنا المضاف محذوف، وهو أولى من جعل البر بمعنى البار لموافقة ليس البر، أي من صدق بالله وبجميع صفاته من العلم والارادة والكراهة والوحدة والقدرة والسمع والبصر والعدل والحكمة وجميع الصفات الثبوتية والسلبية، كأن ذلك كله مراد بالايمان بالله قال في مجمع البيان
(1) البقرة: 177.