زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص163
رمضان فأصوم بعضا فيحضرني زيارة قبر أبي عبدالله عليه السلام فأزوره وأفطر ذاهبا وجائيا أو اقيم حتى أفطر وأزوره بعدما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال: أقم حتى تفطر قلت جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أما قرأت كتاب الله ” فمن شهد منكم الشهر فليصمه “.
ففيه دلالة على الافضلية وكذا يدل عليها ما رواه في الفقيه(1) في صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا ثم يبدو له بعدما يدخل، فسكت فسألته غير مرة فقال يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لابد من الخروج فيها أو يتخوف على ماله، وإن كان الحلبي محتملا ولكن الظاهر أنه ثقة كما يفهم من كلامهم و المشهور أنه مكروها إلى أن يمضي ثلاثة وعشرون يوما، فتزول الكراهة للخبر بذلك التفصيل، حيث قال في الرواية: فاذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء.
ثم اعلم أن في الاخبار المتقدمة دلالة على الافطار لو سافر قبل الزوال، و على الصوم والاجزاء لو سافر بعده، ويدل عليها مع ذلك الاجماع المنقول في المختلف عن الشيخ والاخبار الصحيحة الدالة على أن من قصر الصلاة قصرالصوم، ومن لم يقصرها لم يقصره(2) فالعجب أن في المختلف بعدما اختار ما قلناه هنا ورد مذهب الشيخ قال: قوله إذا خرج بعد الزوال مع تبييت النية للسفر أمسك وعليه الاعادة ليس ببعيد من الصواب، إذ لم يتحقق منه شرط الصوم، وهو النية.
فانه في غاية البعد، إذ لا معنى بالاعتداد بالصوم والامر به، ووجوب القضاء والاعادة مع أن الامر مفيد للاجزاء والصحة كما بين في محله إلا أن يؤول بالامساك وهو بعيد أيضا، وليس له دليل إلا ما تخيل من قوله هنا، إذ لم يتحقق إلى آخره يعني النية شرط فاذا بيت بنية السفر لم يتحقق نية الصوم فلا يصح الصوم، و هو ليس بدليل بعدما نقلنا لك ما رأيت من أن النية قد لا تشترط في الليل وقد
(1) الفقيه ج 2 ص 90 الكافي ج 4 ص 126.
(2) الفقيه ج 1 ص 280 وج 2 ص 91 و 92.