زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص116
يبعد عدم الانعقاد، وإن لم يكن النهي مطلقا دالا على الفساد، ليتم المطلوب و الترغيب إلى الصلاة، ولان ما يدل على انعقاده هو إباحته، فمع رفعها لا ينعقد مؤيدا بأصل عدم انتقال المال إلا بديل، وليس بظاهر كون العقد الحرام الذي لا يرضى الله به دليلا موجبا لذلك فتأمل.
وبالجملة انتقال مال البايع إلى المشتري وبالعكس الذي الاصل عدمه يحتاج إلى الدليل، ومجرد البيع الذي هو حرام وخلاف ما يرضى الله به غير ظاهر في ذلك، مع أنه قد يدعى ظهور عدم الانعقاد من النهي، كما ادعى بعض الاصوليين فتأمل.
ذلكم خير لكم
أي السعي إليها وترك البيع خير لكم، إن كنتم من أهل العلم والعرفان، أو إن كنتم تعلمون الخير والشر، تعلمون أن ذلك خير بالنسبة إليكم من عدمها وما يتبعه.
ثم أباح الله بعد أداء الصلاة الانتشار وطلب الرزق به من فضل الله ورحمته و لطفه، إشارة إلى أن التاجر والكاسب للرزق، لا ينبغي أن يعتمد على كسبه وتجارته بل إنما يطلب من فضل الله عليه ورحمته، ويجعل الكسب والتجارة وسيلة وسببا لذلك وبسبب ترغبيه، فالامر هنا بعد التحريم للاباحة، وإن كان في الاصل للوجوب، للاجماع على عدم وجوب ذلك، ويحتمل الوجوب في بعض الاحيان مثل الكسب للنفقة الواجبة.
ثم أشار في الآية الثالثة إلى ذم المسلمين، وظاهر أنهم الذين كانوا معه صلى الله عليه وآله بأنهم إذا رأوا أو علموا تجارة أو لم يعلموا بل ظنوا بسبب سماع صوت دال عليهما في الجملة وهو المراد باللهو – قيل كان للتجار الذين يجيؤن بالتجارة إلى المدينة طبل يضربونه بعد الوصول، لاخبار الناس، – ذهبو إلى التجارة الموهومة القليلة الفائدة الفانية، وتركوا تجارة باقية عظيمة، وهي الصلاة معك، تركا مستلزما للعقاب بترك واجب عظيم، وقطعه المحرم، ولمفارقنه صلى الله عليه وآله في الدنيا، فإنه روي