فقه القرآن-ج2-ص136
ولما تقدم ذكر عدة النساء وجواز الرجعة فيها للازواج عقبه ببيان حال غير الازواج فقال ” ولا جناح عليكم ” أي لا حرج ولا ضيق عليكم يا معشر الرجال فيما عرضتم به من خطبة النساء المعتدات ولا تصرحوا به ، وذلك بأن تذكروا ما يدل على رغبتكم فيها .
وقوله تعالى ” فيما عرضتم به ” فهو كلام يوهم أنه يريد نكاحها ، فكأنه احالة الكلام إلى عرض يدل على الغرض ، فالتعريض أن يذكر شيئا يدل به على شئ لم يذكره ، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك لاسلم عليك وأنظر إلى وجهك الكريم ، والكناية أن يذكر الشئ بغير لفظه الموضوع له ، ويسمى التلويح ، لانه يلوح فيه ما يريده .
والمستدرك بقوله ” ولكن لا تواعدوهن سرا ” مضمر ، تقديره علم الله انكم ستذكروهن فاذكروهن ولكن لا تواعدوهن سرا ، والسر وقع كناية عن النكاح ، وحرف الاستثناء يتعلق ب ” لا تواعدوهن ” ، أي لا تواعدوهن مواعدة قط الا مواعدة معروفة غير منكرة ، أي لا تواعدوهن الا بالتعريض ، أو لا تواعدوهن الا بأن تعفوا .
ولا يجوز أن يكون استثناءا منقطعا من سرا لادائه إلى قولك لا تواعدوهن الا التعريض .
وقيل لا تواعدوهن في السر ، فالمواعدة في السر عبارة عن الموعدة بما يستهجن .
وذكر العزم مبالغة في النهي عن عقد النكاح في العدة ، لان العزم على الفعل يتقدمه ، فإذا نهى عنه كان عن الفعل أنهى .
ومعناه ولا تعزموا عقد عقدة النكاح ، من عزم الامر وعزم عليه .
والله يعلم ما في أنفسكم من العزم على ما يجوز فاحذروه ولا تعزموا عليه .
فان عزم انسان على خطبة امرأة معتدة قبل انقضاء العدة وواعدها بالتصريح فقد فعل مكروها ، ولا يحرم العقد عليها بعد العدة ، فرخص له التعريض بذلك ولا كراهة فيه .