فقه القرآن-ج1-ص368
ولما بين الله حكم المحارب على ما فصلناه استثنى من جملتهم من يتوب مماارتكبه قبل أن يؤخذ ويقدر عليه ، لان توبته بعد حصوله ( 1 ) في قبضة الامام وقيام البينة عليه بذلك لا تنفعه ووجب عليه اقامة الحد .
واختلفوا فيمن تدرأ عنه التوبة الحدود ، هل هو المشرك أو من كان مسلما من أهل الصلاة : قال الحسن : هو المشرك دون من كان مسلما ، فأما من أسلم فانه لم يؤاخذ بماجناه الا أن يكون معه عين مال من أخذ منه قائمة ، فانه يجب عليه ردها وما عداه يسقط .
أما علي عليه السلام فانه حكم بذلك فيمن كان مسلما وهو حارثة بن زيد ، لانه كان خرج محاربا ثم تاب فقبل امير المؤمنين توبته .
وقال الشافعي : يضع بتوبته حد الله عنه الذي وجب عليه لمحاربته ولا يسقط عنه حقوق بنى آدم .
وهو مذهبنا .
فعلى هذا ان أسقط الادمي حق نفسه ويكون ظهرت منه التوبة [ قبل ذلك فلا يقام عليه الحدود وان لم يكن ظهرت منه التوبة ] ( 2 ) أقيم عليه الحد لانه محارب فيتحتم عليه الحد ، وهو قول أبى علي أيضا .
ولا خلاف أنه إذا أصيب المال بعينه في يده أنه يرد إلى أهله .
فأما المشرك المحارب فمتى أسلم وتاب سقطت عنه الحدود ، سواء كان ذلك منه قبل القدرة عليه أو بعدها بلا خلاف .
فأما السارق إذا قدر عليه بعد التوبة وتكون التوبة منه بعد اقامة البينة فانه لا يسقط عنه الحد ، وان كان قبل قيام البينة أسقطت عنه .
وقال لا تسقط التوبة عن السارق الحد ، ولم يفعل وادعى في ذلك الاجماع .
( 1 ) في م ( قبل حصوله ) .
( 2 ) الزيادة من ج .