فقه القرآن-ج1-ص277
من حيث أفاض الناس ) ( 1 ) .
كانت قريش في الجاهلية لا تخرج إلى عرفات ويقولون لا نخرج من الحرم ، وكانوا يقفون يوم عرفة بالمشعر الحرام وليلة العيد أيضا بها ، وكان الناس الذين يحجون غيرهم يقفون بعرفات يوم عرفة كما كان ابراهيم واسماعيل واسحاق يفعلون ، فأمر الله أن يقف المسلمون كلهم يوم عرفة بعرفات ويفيضوا منها عند الغروب إلى المشعر بقوله تعالى ( ثم افيضوا من حيث أفاض الناس ) ، والافاضة منها لا يمكن الا بعد الوقوف أو الكون بها .
فصل
) وقوله ( فإذا أفضتم من عرفات ) ( 2 ) بين تعالى فرض الموقفين عرفات والمشعر ، أي إذا دفعتم من عرفات بعد الاجتماع بها فاذكروا الله عند المشعر الحرام .
أوجب الله على الحاج كلهم أن يذكروا الله بالمشعر ، لان الامر شرعا على الوجوب ، ولا يجوز أن يوجب الذكر فيه الا وقد أوجب الكون فيه ، ففى هذادلالة على أن الوقوف بالمشعر الحرام ليلة العيد فريضة كما ذهبنا إليه .
وتقدير الكلام : فإذا أفضتم من عرفات فكونوا بالمشعر الحرام واذكروا الله فيه ، اي اذكروه تعالى بالثناء والشكر حسب نعمائه عليكم بالهداية ، فان الشكر يجب أن يكون على حسب النعمة في عظم المنزلة كما يجب أن يكون على مقدارها لو صغرت النعمة ، ولا يجوز التسوية بين من عظمت نعمته ومن صغرت نعمته ، يعنى اذكروه ذكرا فيه بمثل هدايته اياكم [ وان كنتم قبل محمد وقبل الهدى لمن الضالين عن النبوة والشريعة هداكم إليه ] ( 3 ) .
( 1 ) سورة البقرة : 199 .
( 2 ) سورة البقرة : 198 .
( 3 ) الزيادة من م .