فقه القرآن-ج1-ص153
ثم قال ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) معناه إذا استيقنتم بزوال الخوف من عدوكم وحدوث الامن لكم فأتموا الصلاة بحدودها غير قاصريها عن شئ من الركوع والسجود ، وان كنتم صليتم ايماءا بعضها .
وهذا أقوى من قول من قال : معناه إذا استقررتم في أوطانكم فأتموها التى أذن لكم في قصرها في حال خوفكم وسفركم ، لانه قال ( وإذا كنت فيهم ) ، فلما قال ( فإذا اطمأننتم ) كان معلوما انه تعالى يريد إذا اطمأننتم من الحال التى لم تكونوا فيها مقيمين صلاتكم فأقيموها مع حدودها قاصرين لها .
( فصل ) وقوله تعالى ( فان خفتم فرجالا أو ركبانا ) ( 1 ) يدل على ما ذكرناه من
صلاة شدة الخوف
، لان معناه ان خفتم فصلوا على أرجلكم ، لان الراجل هو الكائن على رجله – واقفا كان أو ماشيا .
والخائف ان صلى منفردا صلاة شدة الخوف الذي نقوله انه يصلي ركعتين يومئ ايماءا ويكون سجوده أخفض من ركوعه ، وان لم يتمكن كبر عن كل ركعة تكبيرة على ما ذكرناه .
وهكذا صلاة شدة الخوف إذا صلوها جماعة ، والى هذا ذهب الضحاك وابراهيم النخعي .
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام صلى ليلة الهرير ويومه خمس صلوات بالايماء وقيل بالتكبير ( 2 ) ، وان النبي صلى الله عليه وآله صلى يوم الاحزاب ايماءا .
وقال الحسن وقتادة وابن زيد : يجوز أن يصلي الخائف ماشيا .
وقال أهل العراق : لا يجوز لان المشي عمل .
والاول أصح لانه تعالى قال ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) ( 3 ) .
( 1 ) سورة البقرة : 239 .
( 2 ) مستدرك الوسائل 1 / 500 .
( 3 ) سورة الحج : 78