فقه القرآن-ج1-ص104
حث بقوله ( واركعوا مع الراكعين ) على صلاة الجماعة ، لتقدم الصلاة للمنفرد في أول الاية ، ويجئ بيانها في بابها .
فصل
) وقال تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) ( 1 ) .
قال الطبري : المراد ( لا تجهر بصلاتك ) يعنى صلاة النهار العجماء ( 2 ) ( ولا تخافت بها ) يعني صلاة الليل التي يجهر بها في القراءة ( 3 ) .
فالجهر في صلاة الغداة واجب ، وكذلك في الركعتين الاوليين من العشائين .
فأما صلاة النهار فهي عجماء كما ذكرناه ، يجب في الظهر والعصر جميعا المخافتة الا في الجمعة يوم الجمعة ، وفي الركعتين الاوليين من الظهر أيضا من يوم الجمعة ، فانه يستحب الجهر فيهما .
وقيل : انه نهي من الله تعالى عن الجهر العظيم في حال الصلاة وعن المخافتة الشديدة ، وأمر بأن يتخذ بين ذلك طريقا وسطا ، فأقل الجهر أن تسمع من يليك ، واكثر المخافتة أن تسمع نفسك .
ولا مانع من الحمل على القولين لعمومه .
وعن ابن عباس : ان النبي عليه السلام بمكة كان إذا صلى يجهر بصلاته على المأمور ، فسمع به المشركون فشتموه وآذوه وأرادوا أصحابه ، فأمره الله بترك الجهر .
وعن عائشة : المراد بالصلاة ههنا الدعاء ، أي لا تجهر بدعائك ولا تخافت به ولكن بين ذلك .
ويجوز أن يكون جميع ما ذكرناه مرادا ، لانه لا مانع .
وقال قوم : هذا خطاب لكل واحد من المصلين ، والمعنى لا تجهر أيها
( 1 ) سورة الاسراء : 110 .
( 2 ) عبر عنها بالعجماء لانها لا تبين لاخفات الصوت فيها .
( 3 ) تفسير الطبري 15 / 125 .