فقه القرآن-ج1-ص15
وانما قلنا ذلك لان إلى قد تكون بمعنى الغاية وقد تكون بمعنى مع حقيقة فيهما ، ولا خلاف بين أهل اللسان أن كل لفظة مشتركة بين معنيين أو معان كثيرة انما يتميز بعضها دون بعض بما يقترن إليها من القرائن ، فإذا صح اشتراك لفظة ( إلى ) في معنى الغاية ومعنى مع حقيقة – لا استعارة ومجازا – وانضاف إلى واحد منهما وهو ما ذكرناه اجماع الطائفة ثبت ما اردناه من وجوب ابتداء غسل الايدي من المرافق وغسلها معها إلى رؤوس الاصابع .
وقد قال جماعة من الخاصة والعامة ان حمل ( إلى ) في هذا الموضع على معنى مع أولى من حمله على معنى الغاية ، لانه أعم وفيه زيادة في فائدة الخطاب واحتياط في الطهارة واستظهار بدخول المرافق في الوضوء ، وفي معنى الغاية اسقاط الفائدة وترك الاحتياط وابطال سائر ما ذكرناه ، ويؤكد ذلك قراءة أهل البيت عليهم السلام ( فاغسلوا وجوهكم وايديكم من المرافق ) ( 1 ) .
على ان المرتضى رضي الله عنه قال : ان الابتداء في غسل اليدين للوضوءمن المرافق والانتهاء إلى أطراف الاصابع ، الاولى أن يكون مسنونا ومندوبا إليه لا أن يكون فرضا حتما .
والفقهاء يقولون : لعل هو مخير بين الابتداء بالاصابع وبين الابتداء بالمرافق ( 2 ) .
وقال الزجاج : لو كان المراد بالى ( مع ) لوجب غسل اليد إلى الكتف لتناول الاسم له .
قال : وانما المراد بالى الغاية والانتهاء ، لكن المرافق يجب غسلها مع اليدين ( 3 ) .
وهذا الذي ذكره ليس بصحيح ، لانا لو خلينا وذلك لقلنا بما قاله ، لكن
( 1 ) روى ذلك عن ابى عبد الله الصادق عليه السلام .
أنظر البرهان 1 / 451 .
( 2 ) الانتصار ص 16 مع اختلاف في بعض الالفاظ .
( 3 ) التبيان 3 / 451 .