فقه القرآن-ج1-ص9
أنه ينبغي ان يحمل على عمومه في كل ما هو عبادة الله وان كان خاصا في المكلفين منهم الذين أوجب الله ذلك عليهم أو ندبهم إليه .
والاية متوجهة إلى جميع الناس ممن يصح مخاطبته مؤمنهم وكافرهم ، لحصول العموم فيها ، الا من ليس بشرائط التكليف على ما ذكرناه .
فالكافر إذا لابد أن يكون مخاطبا بالصلاة وبجميع أركان الشريعة لكونها واجبة عليه ، لانه مذموم بتركها متمكن من أن يعلم وجوبها ، ويعاقب غدا عليه أيضا .
ألا ترى إلى قوله تعالى حكاية عن الكفار ( قالوا لم نك من المصلين ) ( 1 ) .
ولا يقدح في وجوب ذلك بأنه إذا أسلم لا يجب عليه قضاء ما فاته ، لان القضاء هو الفرض الثاني .
فان قيل : كيف يجوز ان يكون [ من ] مخاطبين بذلك ولم يكن [ من ] ( 2 ) موجودين في ذلك الوقت ، ومن المحال أن يخاطب المعدوم .
قلنا : الاوامر على ضربين : أحدهما على الاطلاق ، فالمأمور يجب أن يكون قادرا مزاح العلة فضلا على وجوده .
والاخر يكون أمرا بشرط ، فالمأمور لا يجب أن يكون كذلك في الحال ولكن بشرط أن يوجد ويصير قادرا مزاح العلة متمكنا .
وإذا ثبت هذا فأوامر الله تعالى وأوامر الرسول عليه السلام كانت أوامر للمكلفين الموجودين في ذلك الزمان على تلك الصفات ، وكانت أوامر لمن بعدهم ، بشرط أن يوجدوا ويصيروا قادرين مترددي الدواعي على ما ذكرناه ، والامر على هذا الوجه يكون حسنا .
[ فانه يحسن من الواحد منا أن يأمر النجار بانجار باب غدا بشرطأن يمكنه مما يحتاج إليه من الالات وغيرها وان لم يمكنه في الحالة ] ( 3 ) .
وانما أوردت هذه الجملة استيناسا للناظر فيه ، وهو التنبيه للفقيه .
( 1 ) سورة المدثر : 43 .
( 2 ) الزيادتان منا .
( 3 ) الزيادة من م .