بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص377
كتاب الاقضية وأصول هذا
الكتاب تنحصر في ستة أبواب
:
أحدها : في معرفة من يجوز قضاؤه .
والثاني : في معرفة ما يقضي به .
والثالث : في معرفة ما يقضي فيه .
والرابع : في معرفة من يقضي عليه أو له .
والخامس : في كيفية القضاء .
والسادس : في وقت القضاء .
الباب الاول : في معرفة من يجوز قضاؤهالنظر
في هذا الباب فيمن يجوز قضاؤه ، وفيما يكون به أفضل .
فأما الصفات المشترطة في الجواز .
فأن يكون حرا مسلما بالغا ذكرا عاقلا عدلا .
وقد قيل في المذهب : إن الفسق يوجب العزل ويمضي ما حكم به .
واختلفوا في كونه من أهل الاجتهاد ، فقال الشافعي : يجب أن يكون من أهل الاجتهاد ، ومثله حكى عبد الوهاب عن المذهب ، وقال أبو حنيفة : يجوز حكم العامي .
قال القاضي : وهو ظاهر ما حكاه جدي – رحمة الله عليه – في المقدمات عن المذهب لانه جعل كون الاجتهاد فيه من الصفات المستحبة .
وكذلك اختلفوا في اشتراط الذكورة ، فقال الجمهور : هي شرط في صحة الحكم ، وقال أبو حنيفة : يجوز أن تكون المرأة قاضيا في الاموال ، قال الطبري : يجوز أن تكون المرأة حاكما على الاطلاق في كل شئ ، قال عبد الوهاب : ولا أعلم بينهم اختلافا في اشتراط الحرية ، فمن رد قضاء المرأة شبهه بقضاء الامامة الكبرى ، وقاسها أيضا على العبد لنقصان حرمتها .
ومن أجاز حكمها في الاوال فتشبيها بجواز شهادتها في الاموال ، ومن رأى حكمها نافذا في كل شئ قال : إن الاصل هو أن كل من يتأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز إلا ما خصصه الاجماع من الامامة الكبرى .
وأما اشتراط الحرية فلا خلاف فيه ، ولا خلاف في مذهب مالك أن السمع والبصر والكلام مشترطة في استمرار ولايته وليس شرطا في جواز ولايته ، وذلك أن من صفات القاضي في المذهب ما هي شرط في الجواز ، فهذا إذا ولي عزل وفسخ جميع ما حكم به .
ومنها ما هي شرط في الاستمرار وليست شرطا في الجواز ، فهذا إذا ولي القضاء عزل ونفذ ما حكم به إلا أن يكون جورا .
ومن هذا الجنس عندهم هذه الثلاث صفات .
ومن شرط القضاء عند مالك أ