بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص301
العلة التي تمسك بها الجمهور ، وصارت علتهم أولى ، لان العلة المنصوص عليها أولى من المستنبطة .
فسبب اختلافهم : تعارض الآثار في هذا الباب وتعارض القياس .
وأما الاعتاق الذي يكون بالمثلة ، فإن العلماء اختلفوا فيه ، فقال مالك والليث والاوزاعي ، من مثل بعبده أعتق عليه ، وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يعتق عليه وشذ الاوزاعي فقال : من مثل بعبد غيره أعتق عليه والجمهور على أنه يضمن ما نقص من قيمة العبد ، فمالك ومن قال بقوله اعتمد حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن زنباعا وجد غلاما مع جارية ، فقطع ذكره وجدع أنفه ، فأتى النبي ( ص ) فذكر ذلك له ، فقال له النبي ( ص ) : ما حملك على ما فعلت ؟ فقال : فعل كذا وكذا ، فقال النبي ( ص ) : اذهب فأنت حر .
وعمدة الفريق الثاني قوله ( ص ) في حديث ابن عمر : من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته عتقه قالوا : فلم يلزم العتق في ذلك وإنما ندب إليه ، ولهم من طريق المعنى أن الاصل في الشرع هو أنه لا يكره السيد على عتق عبده إلا ما خصصه الدليل .
وأحاديث عمرو بن شعيب مختلف في صحتها ، فلم تبلغ من القوة أن يخصص بها مثل هذه القاعدة .
وأما هل يعتق على الانسان أحد من قرابته ، وإن عتق فمن يعتق ؟ فإنهم اختلفوا في ذلك ، فجمهور العلماء على أنه يعتق على الرجل بالقرابة ، إلا داود وأصحابه ، فإنهم لم يروا أن يعتق أحد على أحد من قبلقربى ، والذين قالوا بالعتق اختلفوا فيمن يعتق ممن لا يعتق بعد اتفاقهم على أنه يعتق على الرجل أبوه وولده ، فقال مالك : يعتق على الرجل ثلاثة .
أحدها : أصوله وهم الآباء والاجداد والجدات والامهات وآباؤهم وأمهاتهم ، وبالجملة كل من كان له على الانسان ولادة .
والثاني : فروعه ، وهم : الابناء والبنات وولدهم مهما سلفوا ، سواء في ذلك ولد البنين وولد البنات ، وبالجملة كل من للرجل عليه ولادة بغير توسط أو بتوسط ، ذكر أو أنثى .
والثالث : الفروع المشاركة له في أصله القريب وهم الاخوة ، وسواء أكانوا لاب وأم ، أو لاب فقط ، أو لام فقط ، واقتصر من هذا العمود على القريب فقط ، فلم يوجب عتق بني الاخوة .
وأما الشافعي فقال مثل قول مالك في العمودين الاعلى والاسفل ، وخالفه في الاخوة فلم يوجب عتقهم .
وأما أبو حنيفة فأوجب عتق كل ذي رحم محرم بالنسب كالعم والعمة والخال والخالة وبنات الاخ ، ومن أشبههم ممن هو من الانسان ذو محرم .
وسبب اختلاف : أهل الظاهر مع الجمهور اختلافهم في مفهوم الحديث الثالث ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : لا يجزي ولد عن والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه خرجه مسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم ، فقال الجمهور : يفهم من هذا أنه إذا اشتراه وجب عليه عتقه ، وأنه ليس يجب عليه شراؤه .
وقالت الظاهرية : المفهوم من الحديث أنه ليس يجب عليه شراؤه ولا عتقه إذا اشتراه ، قالوا : لان إضافة عتقه إليه دليل على صحة ملكه له ، ولو كان ما قالوا صوابا ، لكان اللفظ : إلا أن يشتريه فيعتق عليه .
وعمدة الحنفية ما رواه قتادة