پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص299

قسمين : أحدهما : من وقع تبعيض العتق منه وليس له من العبد إلا الجزء المعتق .

والثاني : أن يكون يملك العبد كله ولكن بعض عتقه اختيارا منه .

فأما العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حظه منه فإن الفقهاء اختلفوا في حكم ذلك ، فقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل : إن كان المعتق موسرا قوم عليه نصيب شريكه قيمة العدل ، فدفع ذلك إلى شريكه وعتق الكل عليه وكان ولاؤه له ، وإن كان المعتق معسرا لم يلزمه شئ‌وبقي المعتق بعضه عبدا وأحكامه أحكام العبد ، وقال أبو يوسف ومحمد : إن كان معسرا سعى العبد في قيمته للسيد الذي لم يعتق حظه منه وهو حر يوم أعتق حظه منه الاول ويكون ولاؤه للاول ، وبه قال الاوزاعي وابن شبرمة وابن أبي ليلى وجماعة الكوفيين ، إلا أن ابن شبرمة وابن أبي ليلى جعلا للعبد أن يرجع على المعتق بما سعى فيه متى أيسر .

وأما شريك المعتق فإن الجمهور على أن له الخيار في أن يعتق أو يقوم نصيبه على المعتق ، وقال أبو حنيفة :لشريك الموسر ثلاث خيارات : أحدها : أن يعتق كما أعتق شريكه ويكون الولاء بينهما ، وهذا لا خلاف فيه بينهم ، والخيار الثاني : أن تقوم عليه حصته .

والثالث : أن يكلف العبد السعي في ذلك إن شاء ويكون الولاء بينهما للسيد المعتق عبده عنده إذا قوم عليه شريكه نصيبه أن يرجع على العبد فيسعى فيه ويكون الولاء كله للمعتق .

وعمدة مالك والشافعي حديث ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل ، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق .

وعمدة محمد وأبي يوسف صاحبي أبي حنيفة ومن يقول بقولهم حديث أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : من أعتق شقصا له في عبد فخلاصه ماله إن كان له مال ، فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه وكلا الحديثين خرجه أهل الصحيح البخاري ومسلم وغيرهما ، ولكل طائفة منهم قول في ترجيح حديثه الذي أخذ به ، فمما وهنت به الكوفية حديث ابن عمر أن بعض رواته شك في الزيادة المعارضة فيه لحديث أبي هريرة ، وهو قوله : وإلا فقد عتق منه ما عتق فهل هو من قوله عليه الصلاة والسلام ، أم من قول نافع ، وأن في ألفاظه أيضا بين رواته اضطرابا ، ومما وهن به المالكيون حديث أبي هريرة أنه اختلف أصحاب قتادة فيه على قتادة في ذكر السعاية .

وأما من طريق المعنى فاعتمدت المالكية في ذلك على أنه إنما لزم السيد التقويم إن كان له مال للضرر أدخله على شريكه ، والعبد لم يدخل ضررا فليس يلزمه شئ .

وعمدة الكوفيين من طريق المعنى أن الحرية حق شرعي لا يجوز تبعيضه ، فإذا كان الشريك المعتق موسرا عتق الكل عليه ، وإذا كان معسرا سعى العبد في قيمته وفيه مع هذا رفع الضرر الداخل على الشريك وليس فيه ضرر على العبد ، وربما أتوا بقياس شبهي وقالوا : لما كان العتق يوجد منه في الشرع نوعان : نوع يقع بالاختيار ، وهو إعتاق السيد عبده ابتغاء ثواب الله .

ونوع يقع بغير اختيار ،