بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص229
ولا يلزمه بعد بلوغه ورشده عتق ما حلف بحريته في صغره وحنث به في صغره .
واختلف فيما حنث فيه في كبره وحلف به في صغره ، فالمشهور أنه لا يلزمه .
وقال ابن كنانة : يلزمه ولا يلزمه فيما ادعي عليه يمين .
واختلف إذا كان له شاهد واحد هل يحلف معه ؟ فالمشهور أنه لا يحلف ، وروي عن مالك والليث أنه يحلف .
وحال البكر ذات الاب والوصي كالذكر ما لم تعنس على مذهب من يعتبر تعنيسها .
فأما السفيه البالغ ، فجمهور العلماء على أن المحجور إذا طلق زوجته أو خالعها مضى طلاقه وخلعه ، إلا ابن أبي ليلى وأبا يوسف ، وخالف ابن أبي ليلى في العتق فقال : إنه ينفذ ، وقال الجمهور : إنه لا ينفذ .
وأما وصيته فلا أعلم خلافا في نفوذها ، ولا تلزمه هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق ولا شئ من المعروف إلا أن يعتق أم ولده ، فيلزمه عتقها ، وهذا كله في المذهب ، وهل يتبعها مالها ؟ فيه خلاف ، قيل يتبع ، وقيل لا يتبع ، وقيل بالفرق بين القليل والكثير .
وأما ما يفعله بعوض ، فهو أيضا موقوف على نظر وليه إن كان له ولي ، فإن لم يكن له ولي قدم له ولي .
فإن رد بيعه الولي وكان قد أتلف الثمن لم يتبع من ذلك بشئ ، وكذلك إن أتلف عين المبيع .
وأما أحكام أفعال المحجورين أو المهملين على مذهب مالك فإنها تنقسم إلى أربعة أحوال : فمنهم من تكون أفعاله كلها مردودة ، وإن كان فيها ما هو رشد .
ومنهم ضد هذا ، وهو أن تكون أفعاله كلها محمولة على الرشد وإن ظهر فيها ما هو سفه .
ومنهم من تكون أفعاله كلها محمولة على السفه ما لم يتبين رشده ، وعكس هذا أيضا أن تكون أفعاله كلها محمولة الرشد حتى يتبين سفهه .
فأما الذي يحكم له بالسفه وإن ظهر رشده فهو الصغير الذي لم يبلغ ، والبكر ذات الاب والوصي ما لم تعنس على مذهب من يعتبر التعنيس .
واختلف في حده اختلافا كثيرا من دون الثلاثين إلى الستين ، والذي يحكم له بحكم الرشد وإن علم سفهه ، فمنها السفيه إذا لم تثبت عليه ولاية من قبل أبيه ، ولا من قبل السلطان على مشهور مذهب مالك ، خلافا لابن القاسم الذي يعتبر نفس الرشد لا نفس الولاية ، والبكر اليتيمة المهملة على مذهب سحنون .
وأما الذي يحكم عليه بالسفه بحكم ما لم يظهر رشده : فالابن بعد بلوغه في حياة أبيه على المشهور في المذهب ، وحال البكر ذات الاب التي لا وصي لها إذا تزوجت ودخل بها زوجها ما لم يظهر رشدها وما لم تبلغ الحد المعتبر في ذلك من السنين عند من يعتبر ذلك ، وكذلك اليتيمة التي لا وصي لها على مذهب من يرى أن أفعالها مردودة .
وأما الحال التي يحكمفيها بحكم الرشد حتى يتبين السفه : فمنها حال البكر المعنس عند من يعتبر التعنيس ، أو التي دخل بها زوجها ومضى لدخوله الحد المعتبر من السنين عند من يعتبر الحد ، وكذلك حال الابن ذي الاب إذا بلغ وجهلت حاله على إحدى الروايتين ، والابنة البكر بعد بلوغها على الرواية التي لا تعتبر فيها دخولها مع زوجها .
فهذه هي جمل ما في هذا الكتا ب والفروع كثيرة .