بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص222
القول في الشروط
أما شروط الرهن ، فالشروط المنطوق بها في الشرع ضربان : شروط صحة ، وشروط فساد .
فأما شروط الصحة المنطوق بها في الرهن : أعني في كونه رهنا فشرطان : أحدهما : متفق عليه بالجملة ومختلف في الجهة التي بها شرط وهو القبض .
والثاني : مختلف في إشتراطه .
فأما القبض فاتفقوا بالجملة على أنه شرط في الرهن لقوله تعالى :
( فرهان مقبوضة)
واختلفوا هل هو شرط تمام أو شرط صحة ؟ وفائدة الفرق أن من قال شرط صحة قال : ما لم يقع القبض لم يلزم الرهن الراهن ، ومن قال شرط تمام قال : يلزم العقد ويجبر الراهن على الاقباض إلا أن يتراخى المرتهن عن المطالبة حتى يفلس الراهن أو يمرض أو يموت ، فذهب مالك إلى أنه من شروط التمام ، وذهب أبو حنيفة والشافعي وأهل الظاهر إلى أنه من شروط الصحة .
وعمدة مالك قياس الرهن على سائر العقود اللازمة بالقول .
وعمدة الغير قوله تعالى :
( فرهان مقبوضة)
وقال بعض أهل الظاهر : لا يجوز الرهن إلا أن يكون هنالك كاتب لقوله تعالى :
( ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة)
لا يجوز أهل الظاهر أن يوضع الرهن على يدي عدل ، وعند مالك أن من شرط صحة الرهن استدامه القبض ، وأنه متى عاد إلى يد الراهن بإذن المرتهن بعارية أو وديعة أو غير ذلك ، فقد خرج من اللزوم .
وقال الشافعي : ليس استدامة القبض من شرط الصحة ، فمالك عم الشرط على ظاهره ، فألزم من قوله تعالى :
( فرهان مقبوضة)
وجود القبض واستدامته .
والشافعي يقول : إذا وجد القبض فقد صح الرهن وانعقد ، فلا يحل ذلك إعارته ولا غير ذلك من التصرف فيه كالحال في البيع ، وقد كان الاولى بمن يشترط القبض في صحة العقد أن يشترط الاستدامة ، ومن لم يشترطه في الصحة أن لا يشترط الاستدامة .
واتفقوا على جوازه في السفر .
واختلفوا في الحضر ، فذهب الجمهور إلى جوازه .
وقال أهل الظاهر ومجاهد : لا يجوز في الحضر لظاهر قوله تعالى :
( وإن كنتم على سفر)
الآية .
وتمسك الجمهور بما ورد من : أنه ( ص ) رهن في الحضر والقول في استنباط منع الرهن في الحضر من الآية هو من باب دليل الخطاب .
وأما الشرط المحرم الممنوع بالنص فهو أن يرهن الرجل رهنا على أنه إن جاء بحقه عند أجله وإلا فالرهن له فاتفقواعلى أن هذا الشرط يوجب الفسخ ، وأنه معنى قوله عليه الصلاة والسلام : لا يغلق الرهن .
القول في الجزء الثالث من هذا الكتاب وهو
القول في الاحكام
وهذا الجزء ينقسم إلى معرفة ما للراهن من الحقوق في الرهن وما عليه