بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص183
إما بالزمان إن كان عملا واستيفاء منفعة متصلة الوجود مثل كراء الدور والحوانيت ، وإما بالمكان أن كان مثليا مثل كراء الرواحل .
وذهب أهل الظاهر وطائفة من السلف إلى جواز إجارا ت المجهولات مثل أن يعطي الرجل حماره لمن يسقي عليه أو يحتطب عليه بنصف ما يعود عليه .
وعمدة الجمهور أن الاجارة بيع فامتنع فيها من الجهل – لمكان الغبن – ما امتنع في المبيعات .
واحتج الفريق الثاني بقياس الاجارة على القراض والمساقاة ، والجمهور على أن القراض والمساقاة مستثنيان بالسنة فلا يقاس عليهما لخروجهما عن الاصول .
واتفق مالك والشافعي على أنهما إذا ضربا للمنفعة التي ليس لها غاية أمدا من الزمان محدودا .
وحددوا أيضا أول ذلك الامد ، وكان أوله عقب العقد أذلك جائز .
واختلفوا إذا لم يحددوا أول الزمان أو حددوه ولم يكن عقب العقد ، فقال مالك : يجوز إذا حدد الزمان ولم يحدد أوله ، مثل أن يقول له استأجرت منك هذه الدار سنة بكذا أو شهرا بكذا ، ولا يذكر أول ذلك الشهر ولا أول تلك السنة .
وقال الشافعي : لا يجوز ، ويكون أول الوقت عند مالك وقت عقد الاجارة ، فمنعه الشافعي لانه غرر ، وأجازه مالك لانه معلوم بالعادة ، وكذلك لم يجز الشافعي إذا كان أول العقد متراخيا عن العقد ، وأجازه مالك .
واختلف قول أصحابه في استئجار الارض غير المأمونة ، والتغيير فيما بعد من الزمان ، وكذلك اختلف مالك والشافعي في مقدار الزمان الذي تقدر به هذه المنافع ، فمالك يجيز ذلك السنين الكثيرة ، مثل أن يكري الدار لعشرة أعوام أو أكثر ، مما لا تتغير الدار في مثله ، وقال الشافعي : لا يجوز ذلك لاكثر من عام واحد .
واختلف قول ابن القاسم وابن الماجشون في أرض المطر وأرض السقي بالعيون وأرض السقي بالآبار والانهار ، فأجاز ابن القاسم فيها الكراء السنين الكثيرة ، وفصل ابن الماجشون فقال : لا يجوز الكراء في أرض المطر إلا لعام واحد ، وأما أرض السقي بالعيون فلا يجوز كراؤها إلا لثلاثة أعوام وأربعة ، وأما أرض الآبار والانهار فلا يجوز إلا لعشرة أعوام فقط .
فالاختلاف ههنا في ثلاثة مواضع : في تحديد أول المدة ، وفي طولها ، وفي بعدها من وقت العقد .
وكذلك اختلف مالك والشافعي إذا لم يحدد المدة وحدد القدر الذي يجب لاقل المدة .
مثل أن يقول : أكتري منك هذه الدار الشهر بكذا ، ولا يضربان لذلك أمدا معلوما ، فقالالشافعي : لا يجوز ، وقال مالك وأصحابه : يجوز على قياس : أبيعك من هذه الصبرة بحساب القفيز بدرهم ، وهذا لا يجوز غيره .
وسبب الخلاف : اعتبار الجهل الواقع في هذه الاشياء هل هو من الغرر المعفو عنه أو المنهي عنه ؟ ومن هذا الباب اختلافهم في البيع والاجارة ، أجارة مالك ، ومنعه الشافعي وأبو حنيفة ، ولم يجز مالك أن يقترن بالبيع إلا الاجارة فقط .
ومن هذه الباب اختلافهم في إجارة المشاع ، فقال مالك والشافعي : هي جائزة ، وقال أبو حنيفة : لا تجوز ، لان عنده أن الانتفاع بها مع الاشاعة متعذر ، وعند