بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص98
قوم : ترد إليه امرأته .
وحجة الفريق الاول قول رسول الله ( ص ) لا سبيل لك عليها ولم يستثن فأطلق التحريم .
وحجة القول الثاني أنه إذا أكذب نفسه فقد بطل حكم اللعان ، فكما يلحق به الولد كذلك ترد المرأة عليه ، وذلك أن السبب الموجب للتحريم إنما هو الجهل بتعيين صدق أحدهما مع القطع بأن أحدهما كاذب ، فإذا انكشف ارتفع التحريم .
الفصل الخامس : في الاحكام اللازمة لتمام اللعان
فأما موجبات اللعان ، فإن العلماء اختلفوا من ذلك في مسائل : منها هل تجب الفرقة أم لا ؟ وإن وجبت فمتى تجب ؟ وهل تجب بنفس اللعان أم بحكم حاكم ؟ وإذا وقعت فهل هي طلاق أو فسخ ؟ فذهب الجمهور إلى أن الفرقة تقع باللعان لما اشتهر من ذلك في أحاديث اللعان من أن رسول الله ( ص ) فرق بينهما وقال ابن شهاب فيما رواه مالك عنه : فكانت تلك سنة المتلاعنين ، ولقوله ( ص ) : لا سبيل لك عليها .
وقال عثمان البتي وطائفة من أهل البصرة : لا يعقب اللعان فرقة ، واحتجوا بأن ذلك حكم لم تتضمنه آية اللعان ، ولا هو صريح في الاحاديث ، لان في الحديث المشهور أنه طلقها بحضرة النبي ( ص ) فلم ينكر ذلك عليه .
وأيضا فإن اللعان إنما شرع لدرء حد القذف .
فلم يوجب تحريما تشبيها بالبينة ، وحجة الجمهور أنه قد وقع بينهما من التقاطع والتباغض والتهاتر وإبطال حدود الله ما أوجب أن لا يجتمعا بعدها أبدا ، وذلك أن الزوجية مبناها على المودة والرحمة وهؤلاء قد عدموا ذلك كل العدم ، ولا أقل من أن تكون عقوبتهما الفرقة .
وبالجملة فالقبح الذي بينهما غاية القبح .
وأما متى تقع الفرقة فقال مالك والليث وجماعة : إنها تقع إذا فرغا جميعا من اللعان .
وقال الشافعي : إذا أكمل الزوج لعانه وقعت الفرقة .
وقال أبو حنيفة : لا تقع إلا بحكم حاكم ، وبه قال الثوري وأحمد .
وحجة مالك على الشافعي حديث ابن عمر قال : فرق رسول الله ( ص ) بين المتلاعنين وقال : حسابكما على الله ، أحدهما كاذب ، لاسبيل لك عليها وما روي أنه لم يفرق بينهما إلا بعد تمام اللعان .
وحجة الشافعي أن لعانها تدرأ به الحد عن نفسها فقط ، ولعان الرجل هو المؤثر في نفي النسب ، فوجب إن كان للعان تأثير في الفرقة أن يكون لعان الرجل تشبيها بالطلاق .
وحجتهما جميعا على أبي حنيفة أن النبي ( ص ) أخبرهما بوقوع الفرقة عند وقوع اللعا منهما ، فدل ذلك على أن اللعان هو سبب الفرقة .
وأما أبو حنيفة فيرى أن الفراق إنما نفذ بينهما بحكمه وأمره ( ص ) بذلك حين قال لا سبيل لك عليها فرأى أن حكمه شرط في وقوع الفرقة كما أن حكمه شرط في صحة اللعان .
فسبب الخلاف : بين من رأى أنه تقع به فرقة ، وبين من لم ير ذلك أن تفريق النبي ( ص ) بينهما ليس هو بينا في الحديث المشهور ، لانه بادر بنفسه فطلق قبل أن يخبره بوجوب الفرقة ، والاصل أن لا