بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص81
وجماعة من التابعين .
وسبب الخلاف : هل قوله تعالى :
( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم )
أي فإن فاءوا قبل انقضاء الاربعة الاشهر أو بعدها ؟ فمن فهم منه قبل انقضائها قال : يقع الطلاق ، ومعنى العزم عنده في قوله تعالى :
( وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم)
أن لا يفئ حتى تنقضي المدة .
فمن فهم من اشتراط الفيئة اشتراطها بعد انقضاء المدة قال : معنى قوله
( وإن عزموا الطلاق)
أي باللفظ
( فإن الله سميع عليم)
وللمالكية في الآية أربعة أدلة : أحدها : أنه جعل مدة التربص حقا للزوج دون الزوجة ، فأشبهت مدة الاجل في الديون المؤجلة ، الدليل الثاني : أن الله تعالى أضاف الطلاق إلى فعله .
وعندهم ليس يقع من فعله إلا تجوزا : أعني ليس ينسب إليه على مذهب الحنفية إلا تجوزا ، وليس يصار إلى المجاز عن الظاهر إلا بدليل .
الدليل الثالث : قوله تعالى :
( وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم)
قالوا : فهذا يقتضي وقوع الطلاق على وجه يسمع ، وهو وقوعه باللفظ لا بانقضاء المدة .
الرابع : أن الفاء في قوله تعالى :
( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم )
ظاهرة في معنى التعقيب ، فدل ذلك على أن الفيئةبعد المدة ، وربما شبهوا هذه المدة بمدة العتق .
وأما أبو حنيفة فإنه اعتمد في ذلك تشبيه هذه المدة بالعدة الرجعية إذ كانت العدة إنما شرعت لئلا يقع منه ندم ، وبالجملة فشبهوا الايلاء بالطلاق الرجعي ، وشبهوا المدة بالعدة وهو شبه قوي ، وقد روي ذلك عن ابن عباس .
المسألة الثانية : وأما اختلافهم في اليمين
التي يكون بها الايلاء
، فإن مالكا قال : يقع الايلاء بكل يمين ، وقال الشافعي : لا يقع إلا بالايمان المباحة في الشرع وهي اليمين بالله أو بصفة من صفاته ، فمالك اعتمد العموم : أعني عموم قوله تعالى :
( للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر)
والشافعي يشبه الايلاء بيمين الكفارة ، وذلك أن كلا اليمينين يترتب عليهما حكم شرعي ، فوجب أن تكون اليمين التي ترتب عليها حكم الايلاء هي اليمين التي يترتب عليها الحكم الذي هو الكفار.
المسألة الثالثة : وأما لحوق حكم الايلاء
للزوج إذا ترك الوطئ بغير يمين ، فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الايلاء بغير يمين ، ومالك يلزمه وذلك إذا قصد الاضرار بترك الوطئ ، وإن لم يحلف على ذلك ، فالجمهور اعتمدوا الظاهر ، ومالك اعتمد المعنى ، لان الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطئ ، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين ، لان الضرر يوجد في الحالتين جميعا .
المسألة الرابعة : وأما اختلافهم في مدة الايلاء ، فإن مالكا ومن قال بقوله يرى أن مدة الايلاء يجب أن تكون أكثر من أربعة أشهر إذ كان الفئ عندهم إنما هو بعد