بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص73
أي فتلك مدة استقبال العدة لئلا يتبعض القرء بالطلاق في الحيض .
وأقوى ما تمسك به الفريق الثاني أن العدة إنما شرعت لبراءة الرحم ، وبراءتها إنما تكون بالحيض لا بالاطهار ، ولذلك كان عدة من ارتفع الحيض عنها بالايام ، فالحيض هو سبب العدة بالاقراء ، فوجب أن تكون الاقراء هي الحيض ، واحتج من قال الاقراء هي الاطهار بأن المعتبر في براءة الرحم هو النقلة من الطهر إلى الحيض لا انقضاء الحيض ، فلا معنى لاعتبار الحيضة الاخيرة ، وإذا كان ذلك فالثلاث المعتبر فيهن التمام : أعني المشترط هي الاطهار التي بين الحيضتين ، ولكلا الفريقين احتجاجات طويلة .
ومذهب الحنفية أظهر من جهة المعنى ، وحجتهم من جهة المسموع متساوية أو قريب من متساوية ، ولم يختلف القائلون أن العدة هي الاطهار أنها تنقضي بدخولها في الحيضة الثالثة .
واختلف الذين قالوا إنها الحيض ، فقيل تنقضي بانقطاع الدم من الحيضة الثالثة ، وبه قال الاوزاعي ، وقيل حين تغتسل من الحيضة الثالثة ، وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود ، ومن الفقهاء الثوري وإسحاق بن عبيد ، وقيل حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها ، وقيل إن للزوج عليها الرجعة وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ، حكي هذا عن شريك .
وقد قيل تنقضي بدخولها في الحيضة الثالثة .
وهو أيضا شاذ .
فهذه هي حال الحائض التي تحيض .
وأما التي تطلق فلا تحيض وهي في سن الحيض وليس هناك ريبة حمل ولا سبب من رضاع ولا مرض ، فإنها تنتظر عند مالك تسعة أشهر فإن لم تحض فيهن اعتدت بثلاثة أشهر ، فإن حاضت قبل أن تستكملالثلاثة الاشهر اعتبرت الحيض واستقبلت انتظاره ، فإن مر بها تسعة أشهر قبل أن تحيض الثانية اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت قبل أن تستكمل الثلاثة أشهر من العام الثاني انتظرت الحيضة الثالثة ، فإن مر بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت الثالثة في الثلاثة الاشهر كانت قد استكملت عدة الحيض وتمتد عدتها ، ولزوجها عليها الرجعة ما لم تحل .
واختلف عن مالك متى تعتد بالتسعة أشهر ؟ فقيل من يوم طلقت ، وهو قوله في الموطأ ، وروى ابن القاسم عنه : من يوم رفعها حيضتها .
وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور في التي ترتفع حيضتها وهي لا تيأس منها في المستأنف : إنها تبقى أبدا تنتظر حتى تدخل في السن الذي تيأس فيه من المحيض ، وحينئذ تعتد بالاشهر وتحيض قبل ذلك ، وقول مالك مروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس .
وقول الجمهور قول ابن مسعود وزيد .
وعمدة مالك عن طريق المعنى هو أن المقصود بالعدة إنما هو ما يقع به براءة الرحم ظنا غالبا بدليل أنه قد تحيض الحامل ، وإذا كان ذلك كذلك فعدة الحمل كافية في العلم ببراءة الرحبل هي قاطعة على ذلك ، ثم تعتد بثلاثة أشهر عدة اليائسة .
فإن حاضت قبل تمام السنة حكم لها بحكم ذوات الحيض ، واحتسبت بذلك القرء ، ثم تنتظر القرء الثاني أو السنة إلى أن يمضي لها ثلاثة أقراء .
وأما الجمهور فصاروا إلى ظاهر قوله تعالى :
( واللائي يئسن