بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص54
الباب الثالث : في الخلع واسم الخلع والفدية والصلح والمبارأة كلها تؤول إلى معنى واحد ، وهو بذل المرأة العوض على طلاقها ، إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها له جميع ما أعطاها والصلح ببعضه والفدية بأكثره والمبارأة بإسقاطها عنه حقا لها عليه – على ما زعم الفقهاء – .
والكلام ينحصر في أصول هذا النوع من الفراق في أربعة فصول : في جواز وقوعه أولا ، ثم ثانيا : في شروط وقوعه : أعني جواز وقوعه ، ثم ثالثا : في نوعه : أعني هل هو طلاق أو فسخ ؟ ثم رابعا : فيما يلحقه من الاحكام .
الفصل الاول : في جواز وقوعه
فأما جواز وقوعه فعليه أكثر العلماء .
والاصل في ذلك الكتاب والسنة ، أما الكتاب فقوله تعالى :
( فلا جناح عليهما فيما افتدت به )
وأما السنة فحديث ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي ( ص ) فقالت : يا رسول الله .
ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر بعد الدخول في الاسلام ، فقال رسول الله ( ص ) : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم .
قال رسول الله ( ص ) : اقبل الحديقة وطلقها طلقة واحدة خرجه بهذا اللفظ البخاري وأبو داود والنسائي ، وهو حديث متفق على صحته ، وشذ أبو بكر ابن عبد الله المزيني عن الجمهور فقال : لا يحل للزوج أن يأخذ من زوجته شيئا ، واستدل على ذلك بأنه زعم أن قوله تعالى :
( فلا جناح عليهما فيما افتدت به )
منسوخ بقوله تعالى :
( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا)
الآية .
والجمهور على أن معنى ذلك بغير رضاها ، وأما برضاها فجائز .
فسبب الخلاف حمل هذا اللفظ على عمومه أو على خصوصه .
الفصل الثاني : في شروط وقوعه فأما شروط جوازه فمنها ما يرجع إلى القدر الذي يجوز فيه ، ومنها ما يرجع إلى صفة الشئ الذي يجوز به ومنها ما يرجع إلى الحال التي يجوز فيها ، ومنها ما يرجع إلى صفة من يجوز له الخلع من النساء أو من أوليائهن ممن لا تملك أمرها ، ففي هذا الفصل أربع مسائل :
المسألة الاولى : أما مقدار ما يجوز لها أن تختلع به
فإن مالكا والشافعي وجماعة قالوا : جائز أن تختلع المرأة بأكثر مما يصير لها من الزوج في صداقها إذا كان النشوز