بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص33
اختلافهم في مفهوم قوله تعالى :
( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ، وحرم ذلك على المؤمنين)
هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم ؟ وهو الاشارة في قوله :
( وحرم ذلك على المؤمنين)
إلى الزنا أو إلى النكاح ؟ وإنما صار الجمهور لحمل الآية على الذم لا على التحريم لما جاء في الحديث أن رجلا قال للنبي ( ص ) في زوجته أنها لا ترد يد لامس .
فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : طلقها ، فقال له إني أحبها .
فقال له : فأمسكها وقال قوم أيضا : إن الزنا يفسخ النكاح بناء على هذا الاصل .
وبه قال الحسن : وأما زواج الملاعنة من زوجها الملاعن فسنذكرها في كتاب اللعان .
الفصل الخامس : في مانع العددواتفق
المسلمون على جواز نكاح أربعة من النساء معا ، وذلك للاحرار من الرجال .
واختلفوا في موضعين : في العبيد ، وفيما فوق الاربع .
أما العبيد فقال مالك في المشهور عنه : يجوز أن ينكح أربعا .
وبه قال أهل الظاهر .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يجوز له الجمع إلا بين اثنتين فقط .
وسبب اختلافهم : هل العبودية لها تأثير في إسقاط هذا العدد كما لها تأثير في إسقاط نصف الحد الواجب على الحر في الزنا ؟ وكذلك الطلاق عند من رأى ذلك .
وذاك أن المسلمين اتفقوا على تنصيف حده في الزنا : أعني أن حده نصف حد الحر ، واختلفوا في غير ذلك .
وأما ما فوق الاربع فإن الجمهور على أنه لا تجوز الخامسة لقوله تعالى :
( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)
ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لغيلان لما أسلم وتحته عشرة نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن وقالت فرقة : يجوز تسع ، ويشبه أن يكون من أجاز التسع ذهب مذهب الجمع في الآية المذكورة ، أعني جمع الاعداد في قوله تعالى :
( مثنى وثلاث ورباع)
الفصل السادس : في مانع الجمع
واتفقوا على أنه لا يجمع بين الاختين بعقد نكاح لقوله تعالى :
( وأتجمعوا بين الاختين )
واختلفوا في الجمع بينهما بملك اليمين ، والفقهاء على منعه ، وذهبت طائفة إلى إباحة ذلك .
وسبب اختلافهم : معارضة عموم قوله تعالى :
( وأن تجمعوا بين الاختين)
لعموم الاستثناء في آخر الآية ، وهو قوله تعالى
( إلا ما ملكت أيمانكم)
وذلك أن هذا الاستثناء يحتمل أن يعود لاقرب مذكور ، ويحتمل أن يعود لجميع ما تضمنته الآية من التحريم إلا ما وقع الاجماع على أنه لا تأثير له فيه