بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص25
إلى مهر المثل ، ولم تر الفسخ كمالك ، وهو مذهب الشافعي والثوري وجماعة ، وقد قيل إنها ترد إلى صداق المثل دون يمين ما لم يكن صداق المثل أكثر مما ادعت وأقل مما ادعى هو .
واختلافهم مبني : على اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام البينة على من ادعى واليمين على من أنكر هل ذلك معلل أو غير معلل ؟ فمن قال معلل قال : يحلف أبدا أقواهما شبهة ، فإن استويا تحالفا وتفاسخا ، ومن قال غير معلل قال : يحلف الزوج لانها تقر له بالنكاح وجنس الصداق وتدعي عليه قدرا زائدا فهو مدعى عليه ، وقيل أيضا يتحالفان أبدا ، لان كل واحد منهما مدعى عليه ، وذلك عند من لم يراع الاشباه .
والخلاف في ذلك في المذهب ومن قال القول قولها إلى مهر المثل ، والقول قوله فيما زاد على مهر المثل رأى أنهما لا يستويان أبدا في الدعوى ، بل يكون أحدهما ولا بد أقوى شبهة ، وذلك أنه لا يخلو دعواها من أن يكون فيما يعادل صداق مثلها فما دونه فيكون القول قولها ، أو يكون فيما فوق ذلك فيكون القول قوله .
وسبب اختلاف مالك والشافعي في التفاسخ بعد التحالف والرجوع إلى صداق المثل ، هو هل يشبه النكاح بالبيع في ذلك أم ليس يشبه ؟ فمن قال يشبه به قال بالتفاسخ ، ومن قال لا يشبه لان الصداق ليس من شرط صحة العقد قال بصداق المثل بعد التحالف .
وكذلك من زعم من أصحاب مالك أنه لا يجوز لهما بعد التحالف أن يتراضيا على شئ ولا أن يرجع أحدهما إلى قول الآخر ويرضى به فهو في غاية الضعف .
ومن ذهب إلى هذا فإنما يشبه اللعان .
وهو تشبيه ضعيف مع أن وجود هذا الحكم للعان مختلف فيه .
وأما إذا اختلفا في القبض فقالت الزوجة لم أقبض ، وقال الزوج قد قبضت فقال الجمهور : القول قول المرأة وبه قال الشافعي والثوري وأحمد وأبو ثور ، وقال مالك : القول قولها قبل الدخول ، والقول قوله بعد الدخول .
وقال بعض أصحابه : إنما قال ذلك مالك لان العرف بالمدينة كان عندهم أن لا يدخل الزوج حتى يدفع الصداق ، فإنكان بلد ليس فيه هذا العرف كان القول قولها أبدا ، والقول بأن القول قولها أبدا أحسن لانها مدعى عليها ، ولكن مالك راعى قوة الشبهة التي له إذا دخل بها الزوج ، واختلف أصحاب مالك إذا طال الدخول هل يكون القول قوله بيمين أو بغير يمين أحسن .
وأما إذا اختلف في جنس الصداق فقال هو مثلا زوجتك على هذا العبد ، وقالت هي زوجتك على هذا الثوب ، فالمشهور في المذهب أنهما يتحالفان ويتفاسخان إن كان الاختلاف قبل البناء .
وإن كان بعد البناء ثبت وكان لها صداق مثل ما لم يكن أكثر مما ادعت أو أقل مما اعترف به .
وقال ابن القصار : يتحالفان قبل الدخول ، والقول قول الزوج بعد الدخول ، وقال أصبغ : القول قول الزوج إن كان يشبهه سواء أشبه قولهما أو لم يشبه ، فإن لم يشبه قول الزوج فإن كان قولها مشبها كان القول قولها ، وإن لم يكن قولها مشبها تحالفا وكان لها صداق المثل .
وقول الشافعي في هذه المسألة مثل قوله عند اختلافهما في القدر : أعني يتحالفان ويتراجعان إلى