بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص21
صرفته في منافعها ضامنة للنصف .
واختلفوا إذا اشترت به ما يصلحها للجهاز مما جرت به العادة هل يرجع عليها بنصف ما اشترته أم بنصف الصداق الذي هو الثمن ؟ فقال مالك : يرجع عليها بنصف ما اشترته ، وقال أبو حنيفة والشافعي : يرجع عليها بنصف الثمن الذي هو الصداق .
واختلفوا من هذا الباب في فرع مشهور متعلق بالسماع وهو هل للاب أن يعفو عن نصف الصداق في ابنته البكر ؟ أعني إذا طلقت قبل الدخول ، وللسيد في أمته ؟ فقال مالك : ذلك له ، وقال أبو حنيفة والشافعي : ليس ذلك له .
وسبب اختلافهم : هو الاحتمال الذي في قوله تعالى :
( إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)
وذلك في لفظة يعفو فإنها تقال في كلام العرب مرة بمعنى يسقط ومرة بمعنى يهب ، وفي قوله :
( الذي بيده عقدة النكاح)
على من يعود هذا الضمير هل على الولي أو على الزوج ، فمن قال على الزوج جعل يعفو بمعنى يهب ومن قال على الولي جعل يعفو بمعنى يسقط ، وشذ قوم فقالوا : لكل ولي أن يعفو عن نصف الصداق الواجب للمرأة ، ويشبه أن يكون هذان الاحتمالان اللذان في الآية على السواء ، لكن من جعله الزوج فلم يوجب حكما زائدا في الآية : أي شرعا زائدا ، لان جواز ذلك معلوم من ضرورة الشرع .
ومن جعله الولي ، إما الاب وإما غيره فقد زاد شرعا ، فلذلك يجب عليه أن يأتي بدليل يبين به أن الآية أظهر في الولي منها في الزوج وذلك شئ يعسر ، والجمهور على أن المرأة الصغير والمحجورة ليس لها أن تهب من صداقها النصف الواجب لها ، وشذ قوم فقالوا : يجوز أن تهب مصيرا لعموم قوله تعالى : ( إلا أن يعفون)
واختلفوا من هذا الباب في المرأة إذا وهبت صداقها لزوجها ثم طلقت قبل الدخول ، فقال مالك : ليس يرجع عليها بشئ ، وقال الشافعي : يرجع عليها بنصف الصداق .
وسبب الخلاف : هل النصف الواجب للزوج بالطلاق هو في عين الصداق أو في ذمة المرأة ؟ فمن قال في عين الصداق قال : لا يرجع عليها بشئ لانه قبض الصداق كله ، ومن قال هو في ذمة المرأة قال : يرجع وإن وهبته له كما لو وهبت له غير ذلك من مالها .
وفرق أبو حنيفة في هذه المسألة بين القبض ولا قبض .
فقال : إن قبضت فله النصف وإن لم تقبض حتى وهبت فليس له شئ كأنه رأى أن الحق في العين ما لم تقبض ، فإذا قبضت صار في الذمة .
الموضع الرابع : في التفويض وأجمعوا على أن نكاح التفويض جائز ، وهو أن يعقد النكاح دون صداق لقوله تعالى :
( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة)
واختلفوا من ذلك في موضعين : أحدهما : إذا طلبت الزوجة فرضالصداق واختلفا في القدر .
الموضع الثاني : إذا مات الزوج ولم يفرض هل لها صداق أم لا ؟ .
فأما المسألة الاولى : وهي إذا قامت المرأة تطلب أن يفرض لها مهرا ، فقالت طائف