بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج2-ص18
هاتين على أن تأجرني ثماني حجج )
الآية ، ومن قال ليس بلازم قال : لا يجوز النكاح بالاجارة .
والسبب الثاني : هل يجوز أن يقاس النكاح في ذلك على الاجارة ؟ وذلك أن الاجارة هي مستثناة من بيوع الغرر المجهول ، ولذلك خالف فيها الاصم وابن علية ، وذلك أن أصل التعامل إنما هو على عين معروفة ثابتة في عين معروفة ثابتة ، والاجارة هي عين ثابتة في مقابلتها حركات وأفعال غير ثابتة ولا مقدرة بنفسها .
ولذلك اختلف الفقهاء متى تجب الاجرة على المستأجر .
وأما كون العتق صداقا فإنه منعه فقهاء الامصار ما عدا داود وأحمد .
وسبب اختلافهم : معارضة الاثر الوارد في ذلك للاصول .
أعني ما ثبت من أنه عليه الصلاة والسلام أعتق صفية وجعل عتقها صداقها مع احتمال أن يكون هذا خاصا به عليه الصلاة والسلام لكثرة اختصاصه في هذا الباب .
ووجه مفارقته للاصول أن العتق إزالة ملك ، والازالة لا تتضمن استباحة الشئ بوجه آخر لانها إذا أعتقت ملكت نفسها ، فكيف يلزمها النكاح ؟ ولذلك قال الشافعي : إنها إن كرهت زواجه غرمت له قيمتها ، لانه رأى أنها قد أتلفت عليه قيمتها إذا كاإنما أتلفها بشرط الاستمتاع بها ، وهذا كله لا يعارض به فعله عليه الصلاة والسلام ولو كان غير جائز لغيره لبينه عليه الصلاة والسلام والاصل أن أفعاله لازمة لنا ، إلا ما قام الدليل على خصوصيته .
وأما صفة الصداق فإنهم اتفقوا على انعقاد النكاح على العوض المعين الموصوف ، أعني المنضبط جنسه وقدره بالوصف ، واختلفوا في العوض الغير موصوف ولا معين ، مثل أن يقول أنكحتكها على عبد أو خادم ، من غير أن يصف ذلك وصفا يضبط قيمته ، فقال مالك وأبو حنيفة يجوز ، وقال الشافعي : لا يجوز ، وإذا وقع النكاح على هذا الوصف عند مالك كان لها الوسط مما سمى .
وقال أبو حنيفة : يجبر على القيمة .
وسبب اختلافهم : هل يجري النكاح في ذلك مجرى البيع من القصد في التشاح ، أو ليس يبلغ ذلك المبلغ بل القصد منه أكثر ذلك المكارمة ؟ فمن قال يجري في التشاح مجرى البيع قال : كما لا يجوز البيع على شئ غير موصوف كذلك لا يجوز النكاح ، ومن قال ليس يجري مجراه إذ المقصود منه إنما هو المكارمة قال : يجوز .
وأما التأجيل فإن قوما لم يجيزوه أصلا ، وقوم أجازوه واستحبوا أن يقدم شيئا منه إذا أراد الدخول وهو مذهب مالك ، والذين أجازوا التأجيل منهم من لم يجزه إلا لزمن محدود وقدر هذا البعد ، وهو مذهب مالك ، ومنهم من أجازه لموت أو فراق ، وهو مذهب الاوزاعي .
وسبب اختلافهم : هل يشبه النكاح البيع في التأجيل أو لا يشبهه ؟ فمن قال يشبهه لم يجزالتأجيل لموت أو فراق ، ومن قال لا يشبهه أجاز ذلك ، ومن منع التأجيل فلكونه عبادة .
الموضع الثاني : في النظر في التقرر .
واتفق العلماء على أن الصداق يجب كله