بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص366
الانسي لا يؤكل إلا بالذبح أو النحر ، وأن الوحشي يؤكل بالعقر .
وأما الخبر المعارض لهذه الاصول ، فحديث رافع بن خديج وفيه قال : فند منها بعير وكان في القوم خيل يسيرة فطلبوه فأعياهم ، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه الله تعالى به ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا .
والقول بهذا الحديث أولى لصحته ، لانه لا ينبغي أن يكون هذا مستثنى من ذلك الاصل مع أن لقائل أن يقول إنه جار مجرى الاصل في هذا الباب ، وذلك أن العلة في كون العقر ذكاة في بعض الحيوان ليس شيئا أكثر من عدم القدرة عليه ، لا لانه وحشي فقط ، فإذا وجد هذا المعنى من الانسي جاز أن تكون ذكاته ذكاة الوحشي ، فيتفق القياس والسماع.
والاصل في هذا الباب آيتان وحديثان : الآية الاولى قوله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم)
والثانية قوله تعالى :
( قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين)
الآية .
وأما الحديثان : فأحدهما : حديث عدي بن حاتم ، وفيه ان رسول الله ( ص ) قال له : إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك .
وإن أكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه ، وإن خالطها كلاب غيرها فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسمعلى غيره وسأله عن المعراض فقال : إذا أصاب بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ وهذا الحديث هو أصل في أكثر ما في هذا الكتاب .
والحديث الثاني : حديث أبي ثعلبة الخشني ، وفيه من قوله عليه الصلاة والسلام : ما أصبت بقوسك فسم الله ثم كل ، وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلم وأدركت ذكاته فكل وهذان الحديثان اتفق أهل الصحيح على إخراجهما .
والآلات التي يصاد بها منها ما اتفقوا عليها بالجملة ، ومنها ما اختلفوا فيها وفي صفاتها ، وهي ثلاث : حيوان جارح ، ومحدد ، ومثقل .
فأما المحدد فاتفقوا عليه كالرماح والسيوف والسهام للنص عليها في الكتاب والسنة ، وكذلك بما جرى مجراها مما يعقر ما عدا الاشياء التي اختلفوا في عملها في ذكاة الحيوان الانسي وهي السن والظفر والعظم وقد تقدم اختلافهم في ذلك فلا معنى لاعادته .
وأما المثقل فاختلفوا في الصيد به مثل الصيد بالمعراض والحجر ، فمن العلماء من لم يجز من ذلك إلا ما أدركت ذكاته ، ومنهم من أجازه على الاطلاق ، ومنهم من فرق بين ما قتله المعراض أو الحجر بثقله أو بحده إذا خرق ج