بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص360
وسبب اختلافهم : اختلافهم في مفهوم النهي الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام في حديث رافع بن خديج ، وفيه قال يا رسول الله ( ص ) إنا لاقو العدو غدا وليس معنا مدى فنذبح بالقصب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ، ليس السن والظفر وسأحدثكم عنه ، أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة .
فمن الناس من فهم منه أن ذلك لمكان أن هذه الاشياء ليس في طبعها أن تنهر الدم غالبا ، ومنهم من فهم من ذلك أنه شرع غير معلل ، والذين فهموا منه أنه شرع غير معلل : منهم من اعتقد أن النهي في ذلك يدل على فساد المنهي عنه ومنهم من اعتقد أنه لا يدل على فساد المنهي عنه ، ومنهم من اعتقد أن النهي في ذلك على وجه الكراهة لا على وجه الحظر .
فمن فهم أن المعنى في ذلك أنه لا ينهر الدم غالبا قال : إذا وجد منهما ما ينهر الدم جاز ، ولذلك رأى بعضهم أن يكونا منفصلين إذ كان إنهار الدم منهما إذا كانا بهذه الصفة أمكن ، وهو مذهب أبي حنيفة .
ومن رأى أن النهي عنهما هو مشروع غير معلل وأنه يدل على فساد المنه عنه قال : إن ذبح بهما لم تقع التذكية ، وإن أنهر الدم .
ومن رأى أنه لا يدل على فساد المنهي عنه قال : إن فعل وأنهر الدم أثم وحلت الذبيحة .
ومن رأى أن النهي على وجه الكراهية كره ذلك .
ولم يحرمه .
ولا معنى لقول من فرق بين العظم والسن ، فإنه عليه الصلاة والسلام قد علل المنع في السن بأنه عظم ، ولا يختلف المذهب أنه يكره غير الحديد من المحدودات مع وجود الحديد لقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله كتب الاحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة .
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته خرجه مسلم .
:
المسألة الاولى : في اشتراط التسمية .
الثانية : فياشتراط استقبال القبلة .
الثالثة : في اشتراط النية .
المسألة الاولى : واختلفوا في حكم التسمية على الذبيحة على ثلاثة أقوال : فقيل هي فرض على الاطلاق : وقيل بل هي فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان ، وقيل بل هي سنة مؤكدة .
وبالقول الاول : قال أهل الظاهر وابن عمر والشعبي وابن سيرين ، وبالقول الثاني : قال مالك وأبو حنيفة والثوري ، بالقول الثالث : قال الشافعي وأصحابه ، وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة .
وسبب اختلافهم : معارضة ظاهر الكتاب في ذلك للاثر .
فأما الكتاب فقوله تعالى :
( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق)
وأما السن