بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص335
اختلافهم في هذه المسائل التي ذكرنا ، وراجعة إلى اختلافهم في دلالات الالفاظ التي يحلف بها ، وذلك أن منها ما هي مجملة ، ومنها ما هي ظاهرة ، ومنها ما هي نصوص .
الفصل الثاني : في رافع الحنث واتفقوا على أن الكفارة في الايمان هي الاربعة الانواع التي ذكر الله في كتابه في قوله تعالى :
( فكفارته)
الآية .
وجمهورهم على أن الحالف إذا حنث مخير بين الثلاثة منها : أعني الاطعام أو الكسوة أو العتق ، وأنه لا يجوز له الصيام إلا إذا عجز عن هذه الثلاثة لقوله تعالى :
( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام)
إلا ما روي عن ابن عمر أنه كان إذا غلظ اليمين أعتق أو كسا ، وإذا لم يغلظها أطعم .
واختلفوا من ذلك في سبع مسائل مشهورة : المسألة الاولى : في مقدار الاطعام لكل واحد من العشرة مساكين .
الثانية : في جنس الكسوة إذا اختار الكسوة وعددها .
الثالثة : في اشتراط التتابع في صيام الثلاثة الايام أو لا اشتراطه .
الرابعة : في اشتراط العدد في المساكين .
الخامسة : في اشتراط الاسلام فيهم والحرية .
السادسة : في اشتراط السلامة في الرقبة المعتقة من العيوب .
السابعة : في اشتراط الايمان فيها .
المسألة الاولى : أما مقدار الاطعام ، فقال مالك والشافعي وأهل المدينة : يعطى لكل مسكين مد من حنطة بمد النبي ( ص ) ، إلا أن مالكا قال : المد خاص بأهل المدينة فقط لضيق معايشهم ، وأما سائر المدن فيعطون الوسط من نفقتهم .
وقال ابن القاسم : يجري المد في كل مدينة مثل قول الشافعي ، وقال أبو حنيفة : يعطيهم نصف صاع من حنطة ، أو صاعا من شعير أو تمر ، قال : فإن غداهم وعشاهم أجزأه .
والسبب في اختلافهم في ذلك : اختلافهم في تأويل قوله تعالى :
( من أوسط ما تطعمون أهليكم)
هل المراد بذلك أكلة واحدة أو قوت اليوم وهو غداء وعشاء ؟ فمن قال أكلة واحدة قال : المد وسط في الشبع ، ومن قال غداء وعشاء قال : نصف صاع .
ولاختلافهم أيضا سبب آخر ، وهو تردد هذه الكفارة بين كفارة الفطر متعمدا في رمضان وبين كفارة الاذى ، فمن شبهها بكفارة الفطر قال مد واحد ، ومن شبهها بكفارة الاذى قال نصف صاع .
واختلفوا هليكون مع الخبز في ذلك إدام أم لا ؟ وإن كان فما هو الوسط فيه ؟ فقيل يجزي الخبز قفارا ، وقال ابن حبيب : لا يجزي ، وقيل : الوسط من الادام الزيت ، وقيل اللبن والسمن والتمر .
واختلف أصحاب مالك من الاهل الذين أضاف إليهم الوسط من الطعام في قوله تعالى :
( من أوسط ما تطعمون أهليكم)
فقيل أهل المكفر وعلى هذا إنما يخرج ال