بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص328
اختلافهم في بناء الآي والحديث .
وأما من منع الحلف بصفات الله وبأفعاله فضعيف .
وسبب اختلافهم : هو هل يقتصر بالحديث على ما جاء من تعليق الحكم فيه والاسم فقط ، أو يعدى إلى الصفات والافعال لكن تعليق الحكم في الحديث بالاسم فقط جمود كثير ، وهو أشبه بمذهب أهل الظاهر وإن كان مرويا في المذهب حكاه اللخمي عن محمد بن الموا .
وشذت فرقة فمنعت اليمين بالله عزوجل ، والحديث نص في مخالفة هذا المذهب .
أيضا على أن الايمان منها لغو ، ومنها منعقدة لقوله تعالى :
( لا يؤخذكم الله باللغو في أيمانك ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان )
واختلفوا فيما هي اللغو ؟ فذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنها اليمين على الشئ يظن الرجل أنه على يقين منه فيخرج الشئ على خلاف ما حلف عليه وقال الشافعي : لغو اليمين ما لم تنعقد عليه النية مثل ما جرت به العادة من قول الرجل في أثناء المخاطبة : لا والله ، لا بالله ، مما يجري على الالسنة بالعادة من غير أن يعتقد لزومه ، وهذا القول رواه مالك في الموطأ عن عائشة والقول الاول : مروي عن الحسن ابن أبي الحسن وقتادة ومجاهد وإبراهيم النخعي .
وفيه قول ثالث ، وهو أن يحلف الرجل وهو غضبان .
وبه قال إسماعيل القاضي من أصحاب مالك .
وفيه قول رابع ، وهو الحلف على المعصية وروي عن ابن عباس .
وفيه قول خامس ، وهو أن يحلف الرجل على أن لا يأكل شيئا مباحا له بالشرع .
والسبب في اختلافهم في ذلك : هو الاشتراك الذي في اسم اللغو ، وذلك أن اللغو قد يكون الكلام الباطل مثل قوله تعالى :
( والغوا فيه لعلكم تغلبون)
وقد يكون الكلام الذي لا تنعقد عليه نية المتكلم به ، ويدل على أن اللغو في الآية هو هذا أن هذه اليمين هي ضد اليمين المنعقدة وهي المؤكدة ، فوجب أن يكون الحكم المضاد للشئ المضاد .
والذين قالوا إن اللغو هو الحلف في إغلاق أو الحلف على ما يوجب الشرع فيه شيئا بحسب ما يعتقد في ذلك قوم ، فإنما ذهبوا إلى أن اللغو ههنا يدل على معنى عرفي في الشرع وهي الايمان التي بين الشرع في مواضع أخرى سقوط حكمها مثل ما روي أنه : لا طلاق في إغلاق وما أشبه ذلك ، لكن الاظهر هما القولان الاولان : أعني قول مالك والشافعي