بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص317
الجمهور ، ومنع من ذلك قوم وهو مذهب ابن شهاب .
والسبب في اختلافهم : معارضة الآثار التي جاءت في تحريم الغلول للآثار الواردة في إباحة أكل الطعام من حديث ابن عمر وابن المغفل وحديث ابن أبي أوفى ، فمن خصص أحاديث تحريم الغلول بهذه أجاز أكل الطعام للغزاة ، ومن رجح أحاديث تحريم الغلول على هذا لم يجز ذلك ، وحديث ابن مغفل هو قال : أصبت جراب شحم يوم خيبر ، فقلت لا أعطي منه شيئا ، فالتفت فإذا رسول الله ( ص ) يتبسم خرجه البخاري ومسلم .
وحديث ابن أبي أوفى قال : كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا ندفعه خرجه أيضا البخاري .
واختلفوا في عقوبة الغال ، فقال قوم : يحرق رحله ، وقال بعضهم : ليس له عقاب إلا التعزير .
وسبب اختلافهم : اختلافهم في تصحيح حديث صالح بن محمد بن زائدة عن سالم عن ابن عمر أنه قال : قال عليه الصلا والسلام : من غل فأحرقوا متاعه .
الفصل الثالث : في حكم الانفال وأما تنفيل الامام من الغنيمة لمن شاء ، أعني أن يزيده على نصيبه ، فإن العلماء اتفقوا على جوا ذلك ، واختلفوا من أي شئ يكون النفل وفي مقداره وهل يجوز الوعد به قبل الحرب ؟ وهل يجب السلب للقاتل أم ليس يجب إلا أن ينفله له الامام ؟ فهذه أربع مسائل هي قواعد هذا الفصل .
أما المسألة الاولى : فإن قوما قالوا : النفل يكون من الخمس الواجب لبيت مال المسلمين ، وبه قال مالك .
وقال قوم : بل النفل إنما يكون مخمس الخمس وهو حظ الامام فقط ، وهو الذي اختاره الشافعي .
وقال قوم : بل النفل من جملة الغنيمة ، وبه قال أحمد وأبو عبيدة .
ومن هؤلاء من أجاز تنفيل جميع الغنيمة .
والسبب في اختلافهم : هو هل بين الآيتين الواردتين في المغانم تعارض أم هما على التخيير ؟ أعني قوله تعالى :
( واعلموا أنما غنمتم من شئ)
الآية ، وقوله تعالى :
( يسألونك عن الانفال)
الآية .
فمن رأى أن قوله تعالى :
( واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه)
ناسخا لقوله تعالى :
( يسألونك عن الانفال)
قال : لا نفل إلا من الخمس أو من خمس الخمس .
ومن رأى أن الآيتين لا معارضة بينهما وأنها على التخيير ، أعني أن للامام أن ينفل من رأس الغنيمة من شاء ، وله إلا ينفل بأن يعطي جميع أرباع الغنيمة للغانمين قال بجواز النفل من رأس الغنيمة .
ولاختلافهم أيضا سبب آخر وهو اختلاف الآثار في هذا الباب ، وفي ذلك أثران : أحدهما : ما روى مالك عن ابن عمر