بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص296
مالك قبل الشروع في عمل الحج وأجازه أبو حنيفة .
وسبب الخلاف : هل ينطلق اسم الحج على هذه الايام المختلف فيها أم لا ؟ وإن انطلق فهل من شرط الكفارة أن لا تجزئ إلا بعد وقوع موجبها ؟ فمن قال : لا تجزي كفارة إلا بعد وقوع موجبها قال : لا يجزي الصوم إلا بعد الشروع في الحج ، ومن قاسها على كفارة الايمان قال : يجزي .
واتفقوا أنه إذا صام السبعة الايام في أهله أجزأه ، واختلفوا إذا صامها في الطريق فقال مالك : يجزي الصوم ، وقال الشافعي : لا يجزي .
وسبب الخلاف : الاحتمال الذي في قوله سبحانه :
( إذا رجعتم)
فإن اسم الراجع ينطلق على من فرغ من الرجوع ، وعلى من هو في الرجوع نفسه ، فهذه هي الكفارة التي ثبتت بالسمع وهي من المتفق عليها .
ولا خلاف أن من فاته الحج بعد أن شرع فيه إما بفوت ركن من أركانه ، وإما من قبل غلطه في الزمان ، أو من قبل جهله أو نسيانه أو إتيانه في الحج فعلا مفسدا له ، فإن عليه القضاء إذا كان حجا واجبا ، وهل عليه هدي مع القضاء ؟ اختلفوا فيه ، وإن كان تطوعا فهل عليه قضاء أم لا ؟ الخلاف في ذلك كله ، لكن الجمهور على أن عليه الهدي لكون النقصان الداخل عليه مشعرا بوجوب الهدي وشذ قوم فقالوا : لا هدي أصلا ولاقضاء إلا أن يكون في حج واجب ، ومما يخص الحج الفاسد عند الجمهور دون سائر العبادات أنه يمضي فيه المفسد له ولا يقطعه ، وعليه دم وشذ قوم فقالوا هو كسائر العبادات ، وعمدة الجمهور ظاهر قوله تعالى :
( وأتموا الحج والعمرة لله)
فالجمهور عمموا والمخالفون خصصوا قياسا على غيرها من العبادات إذا وردت عليها المفسدات ، واتفقوا على أن المفسد للحج أما من الافعال المأمور بها فترك الاركان التي هي شرط في صحته على اختلافهم فيما هو ركن مما ليس بركن .
وأما من التروك المنهي عنها فالجماع ، وإن كانوا اختلفوا في الوقت الذي إذا وقع فيه الجماع كان مفسدا للحج .
فأما إجماعهم على إفساد الجماع للحج فلقوله سبحانه :
( فمن فرضفيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
واتفقوا على أن من وطئ قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه ، وكذلك من وطئ من المعتمرين قبل أن يطوف ويسعى .
واختلفوا في فساد الحج بالوطئ بعد الوقوف بعرفة وقبل رمي جمرة العقبة وبعد رمي الجمرة وقبل طواف الافاضة الذي هو الواجب ، فقال مالك : من وطئ قبل رمي جمرة العقبة فقد فسد حجه وعليه الهدي والقضاء ، وبه قال الشافعي .
وقال أبو حنيفة والثوري : عليه الهدي بدنة وحجة تام .
وقد روي مثل هذا عن مالك .
وقال مالك : من وطئ بعد رمي جمرة العقبة وقبل طواف الافاضة فحجه تام ، وبقولمالك في أن الوطئ قبل طواف الافاضة لا يفسد الحج قال الجمهور : ويلزمه عنده