بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص295
هو نسك يجب على الحاج والمعتمر أو لا ؟ فقال مالك : الحلاق نسك للحاج وللمعتمر وهو أفضل من التقصير ، ويجب على كل من فاته الحج وأحصر بعدو أو مرض أو بعذر ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا في المحصر بعدو ، فإن أبا حنيفة قال : ليس عليه حلاق ولا تقصير .
وبالجملة فمن جعل الحلاق أو التقصير نسكا أوجب في تركه الدم ، ومن لم يجعله من النسك لم يوجب فيه شيئا .
وأما كفارة المتمتع التي نص الله عليها في قوله سبحانه :
( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي)
الآية ، فإنه لا خلاف في وجوبها ، وإنما الخلاف في المتمتع من هو ؟ وقد تقدم ما في ذلك من الخلاف .
والقول في هذه الكفارة أيضا يرجع إلى تلك الاجناس بعينها على من تجب ، وما الواجب فيها ؟ ومتى تجب ولمن تجب وفيأي مكان تجب ؟ فأما على من تجب فعلى المتمتع باتفاق ، وقد تقدم الخلاف في المتمتع من هو .
وأما اختلافهم في الواجب ، فإن الجمهور من العلماء على أن ما استيسر من الهدي هو شاة ، واحتج مالك في أن اسم الهدي قد ينطلق على الشاة بقوله تعالى في جزاء الصيد :
( هديا بالغ الكعبة)
ومعلوم بالاجماع أنه قد يجب في جزاء الصيد شاة ، وذهب ابن عمر إلى أن اسم الهدي لا ينطلق إلا على الابل والبقر ، وأن معنى قوله تعالى : ( فما استيسر من الهدي)
أي بقرة أدون من بقرة ، وبدنة أدون من بدنة .
وأجمعوا أن هذه الكفارة على الترتيب ، وأن من لم يجد الهدي فعليه الصيام .
واختلفوا في حد الزمان الذي ينتقل بانقضائه فرضه من الهدي إلى الصيام ، فقال مالك : إذا شرع في الصوم فقد انتقل واجبه إلى الصوم وإن وجد الهدي في أثناء الصوم .
وقال أبو حنيفة : إن وجد الهدي في صوم الثلاثة الايام لزمه ، وإن وجده في صوم السبعة لم يلزمه .
وهذه المسألة نظير مسألة من طلع عليه الماء في الصلاة وهو متيمم .
وسبب الخلاف : هو هل ما هو شرط ابتداء العبادة هو شرط في استمرارها .
وإنما فرق أبو حنيفة بين الثلاثة والسبعة .
لان الثلاثة الايام هي عنده بدل من الهدي والسبعة ليست ببدل .
وأجمعوا على أنه إذا صام الثلاثة الايام في العشر الاول من ذي الحجة أنه قد أتى بها في محلها لقوله سبحانه :
( فصيام ثلاثة أيام في الحج)
ولا خلاف أن العشر الاول من أيام الحج .
واختلفوا فيمن صامها في أيام عمل العمرة قبل أن يهل بالحج أو صامها في أيام منى ، فأجاز مالك صيامها في أيام منى ، ومنعه أبو حنيفة وقال : إذا فاتته الايام الاولى وجب الهدي في ذمته .