بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص272
( وأما متى يقطع المحرم التلبية ) فإنهم اختلفوا في ذلك ، فروى مالك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقطع التلبية ، إذا زاغت الشمس من يوم عرفة .
وقال مالك : وذلك الامر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا .
وقال ابن شهاب : كانت الائمة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي يقطعون التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة قال أبو عمر بن عبد البر : واختلف في ذلك عن عثمان ، وعائشة .
وقال جمهورفقهاء الامصار وأهل الحديث : وأبو حنيفة ، والشافعي ، والثوري ، وأحمد ، وإسحو أبو ثور ، وداود ، وابن أبي ليلى ، وأبو عبيد ، والطبري ، والحسن بن حيي : إن المحرم لا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة لما ثبت أن رسول الله ( ص ) لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة إلا أنهم اختلفوا متى يقطعها ، فقال قوم : إذا رماها بأسرها لما روي عن ابن عباس أن الفضل بن عباس كان رديف رسول الله ( ص ) وأنه لبى حتى رمى جمرة العقبة وقطع التلبية في آخر حصاة .
وقال قوم : بل يقطعها في أول جمرة يلقيها ، روي ذلك عن ابن مسعود .
وروي في وقت قطع التلبية أقاويل غير هذه إلا أن هذين القولين ، هما المشهوران .
واختلفوا في وقت قطع التلبية بالعمرة ، فقال مالك : يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم وبه قال أبو حنيفة .
وقال الشافعي : إذا افتتح الطواف وسلف مالك في ذلك ابن عمر ، وعروة وعمدة الشافعي أن التلبية معناها إجابة إلى الطواف بالبيت ، فلا تنقطع حتى يشرع في العمل .
وسبب الخلاف : معارضة القياس لفعل بعض الصحابة ، وجمهور العلماء كما قلنا متفقون على إدخال المحرم الحج على العمرة ، ويختلفون في إدخال العمرة على الحج .
وقال أبو ثور : لا يدخل حجعلى عمرة ، ولا عمرة على حج ، كما لا تدخل صلاة على صلاة .
فهذه هي أفعال المحرم بما هو محرم ، وهو أول أفعال الحج .
وأما الفعل الذي بعد هذا فهو الطواف عند دخول مكة ، فلنقل في الطواف .
القول في الطواف بالبيت والكلام في الطواف في صفته ، وشروطه ، وحكمه في الوجوب أو الندب ، وفي أعداده القول في الصفة والجمهور مجمعون على أن صفة كل طواف واجبا كان ، أو غير واجب أن يبتدئ من الحجر الاسود .
فإن استطاع أن يقبله ، قبله ، أو يلمسه بيده ، ويقبلها إن أمكنه ، ثم يجعل البيت على يساره ، ويمضي على يمينه فيطوف سبعة أشواط يرمل في الثلاثة الاشواط الاول ، ثم يمشي في الاربعة ، وذلك في طواف القدوم على مكة ، وذلك للحاج ، والمعتمر دون المتمتع ، وأنه لا رمل على النساء ، ويستلم الركن اليماني ، وهو الذي على قطر الركن الاسود لثبوت هذه الصفة من فعله ( ص ) .
واختلفوا في حكم الرمل في الثلاثة الاشواط