بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص268
لنا خاصة .
وهذا لم يصح عند أهل الظاهر صحة يعارض بها العمل المتقدم .
وروي عن عمر أنه قال : متعتان كانت على عهد رسول الله ( ص ) أنا أنهى عنهما ، وأعاقب عليهما : متعة النساء ، ومتعة الحج .
وروي عن عثمان أنه قال : متعة الحج كانت لنا ، وليست لكم .
وقال أبو ذر : ما كان لاحد بعدنا أن يحرم بالحج ، ثم يفسخه في عمرة .
هذه كله مع ظاهر قوله تعالى :
( وأتمو الحج والعمرة لله )
والظاهرية على أن الاصل اتباع فعل الصحابة حتى يدل دليل من كتاب الله أو سنة ثابتة على أنه خاص .
فسبب الاختلاف : هل فعل الصحابة محمول على العموم ، أو على الخصوص .
وأما النوع الثاني التمتع : فهو ما كانيذهب إليه ابن الزبير من أن التمتع الذي ذكره الله تعالى ، هو تمتع المحصر بمرض ، أو عدو ، وذلك إذا خرج الرجل حاجا ، فحبسه عدو ، أو أمر تعذر به عليه الحج حتى تذهب أيام الحج ، فيأتي البيت ، فيطوف ، ويسعى بين الصفا والمروة ويحل ، ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل ، ثم يحج ، ويهدي ، وعلى هذا القول ليس يكون التمتع المشهور إجماعا .
وشذ طاووس أيضا ، فقال : إن المكي إذا تمتع من بلد غير مكة ، كان عليه الهدي .
واختلف العلماء فيمن أنشأ عمرة في غير أشهر الحج ، ثم عملها في أشهر الحج ، ثم حج من عامه ذلك ، فقال مالك : عمرته في الشهر الذي حل فيه ، فإن كان حل في أشهر الحج ، فهو متمتع ، وإن كان حل في غير أشهر الحج ، فليس بمتمتع وبقريب منه قال أبو حنيفة ، والشافعي والثوري إلا أن الثوري اشترط أن يوقع طوافه كله في شوال وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : إن طاف ثلاثة أشواط في رمضان ، وأربعة في شوال ، كان متمتعا ، وإن كان عكس ذلك ، لم يكن متمتعا أعني أن يكون طاف أربعة أشواط في رمضان ، وثلاثة في شوال وقال أبو ثور : إذا دخل في العمرة في غير أشهر الحج ، فسواء طاف لها في غير أشهر الحج ، أو في أشهر الحج لا يكون متمتعا .
وسبب الاختلاف : هل يكون متمتعا بإيقاع إحرام العمرة في أشهر الحج فقط ، أم يإيقاع الطواف معه ؟ ثم إن كان بإيقاع الطوافمعه ، فهل بإيقاعه كله أم أكثره ؟ فأبو ثور يقول : لا يكون متمتعا إلا بإيقاع الاحرام في أشهر الحج ، لان بالاحرام تنعقد العمرة .
والشافعي يقول : الطواف هو أعظم أركانها ، فوجب أن يكون به متمتعا ، فالجمهور على أن من أوقع بعضها في أشهر الحج كمن أوقعها كلها .
وشروط التمتع عند مالك ستة : أحدها : أن يجمع بين الحج والعمرة في شهر واحد .
والثاني : أن يكون ذلك في عام واحد ، والثالث : أن يفعل شيئا من العمرة في أشهر الحج ، والرابع : أن يقدم العمرة على الحج ، والخامس : أن ينشئ الحج بعد الفراغ من العمرة وإحلاله منها .
والسادس : أن يكون وطنه غير مكة .
فهذه هي صورة التمتع ، والاختلاف المشهور فيه ، والاتفاق .