بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص261
فسد حجه ، وأنه يرجع إلى الميقات ، فيهل منه بعمرة .
وهذا يذكر في الاحكام .
وجمهور العلماء على أن من كان منزله دونهن ، فميقات إحرامه من منزله .
واختلفوا هل الافضل إحرام الحاج منهن ، أو من منزله ، إذا كان منزله خارجا منهن ؟ فقال قوم : الافضل له من منزله ، والاحرام منها رخصة ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وجماعة .
وقال مالك ، وإسحق ، وأحمد : إحرامه من المواقيت أفضل .
وعمدة هؤلاء الاحاديث المتقدمة ، وأنها السنة التي سنها رسول الله ( ص ) ، فهي أفضل ، وعمدة الطائفة الاخرى أن الصحابة قد أحرمت من قبل الميقات – ابن عباس ، وابن عمر ، وابن مسعود وغيرهم – قالوا : وهم أعرف بالسنة .
وأصول أهل الظاهر تقتضي أن لا يجوز الاحرام إلا من الميقات إلا أن يصح إجماع على خلافه .
واختلفوا فيمن ترك الاحرام من ميقاته ، وأحرم من ميقات آخر غير ميقاته ، مثل أن يترك أهل المدينة الاحرام من ذي الحليفة ويحرموا من الجحفة ، فقال قوم : عليه دم ، وممن قال به مالك وبعض أصحابه وقال أبو حنيفة : ليس عليه شئ .
وسبب الخلاف : هل هو من النسك الذي يجب في تركه الدم ، أم لا ؟ ولا خلاف أنه يلزم الاحرام من مر بهذه المواقيت ممن أراد الحج ، أو العمرة ، وأما من لم يردهما ، ومر بهما ، فقال قوم : كل من مر بهما ، يلزمه الاحرام ، إلا من يكثر ترداده مثل الحطابين ، وشبههم ، وبه قال مالك وقال قوم :لا يلزم الاحرام بها إلا لمريد الحج أو العمرة وهذا كله لمن ليس من أهل مكة .
وأما أهل مكة فإنهم يحرمون بالحج منها ، أو بالعمرة يخرجون إلى الحل ، ولابد .
وأما متى يحرم بالحج أهل مكة فقيل : إذا رأوا الهلال ، وقيل : إذا خرج الناس إلى منى ، فهذا هو ميقات المكان المشترط لانواع هذه العبادة .
وأما ميقات الزمان ، فهو محدود أيضا في أنواع الحج الثلاث ، وهو شوال ، وذو القعدة ، وتسع من ذي الحجة باتفاق ، وقال مالك : الثلاث الاشهر كلها محل للحج وقال الشافعي : الشهران ، وتسع من ذي الحجة وقال أبو حنيفة : عشر فقط .
ودليل قول مالك عموم قوله سبحانه وتعالى :
( الحج أشهر معلومات)
فوجب أن يطلق على جميع أيام ذي الحجة أصله انطلاقه على جميع أيام شوال ، وذي القعدة .
ودليل الفريق الثاني انقضاء الاحرام قبل تمام الشهر الثالث بانقضاء أفعاله الواجبة .
وفائدة الخلاف تأخر طواف الافاضة إلى آخر الشهر ، وإن أحرم بالحج قبل أشهر الحج ، كرهه مالك ، ولكن صح إحرامه عنده وقال غيره : لا يصح إحرامه وقال الشافعي : ينعقد إحرامه إحرام عمرة .
فمن شبهه بوقت الصلاة قال : لا يقع قبل الوقت ، ومن اعتمد عموم قوله تعالى :
( وأتموا الحج والعمر