بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص253
العشرة استحباب ، وأن أقله يوم ، وليلة .
والسبب في اختلافهم : معارضة القياس للاثر .
أما القياس ، فإنه من اعتقد أن من شرطه الصوم ، قال : لا يجوز اعتكاف ليلة ، وإذالم يجز اعتكافه ليلة ، فلا أقل من يوم ، وليلة ، إذ انعقاد صوم النهار ، إنما يكون بالليل .
وأما الاثر المعارض ، فما خرجه البخاري من أن عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة ، فأمره رسول الله ( ص ) أن يفي بنذره .
ولا معنى للنظر مع الثابت من هذا الاثر .
وأما اختلافهم في الوقت الذي يدخل فيه المعتكف إلى اعتكافه ، إذا نذر أياما معدودة ، أو يوما واحدا ، فإن مالكا ، والشافعي ، وأبا حنيفة اتفقوا على أنه من نذر اعتكاف شهر أنه يدخل المسجد قبل غروب الشمس .
وأما من نذر أن يعتكف يوما : فإن الشافعي قال : من أراد أن يعتكف يوما واحدا دخل قبل طلوع الفجر ، وخرج بعد غروبها .
وأما مالك فقوله في اليوم والشهر واحد بعينه .
وقال زفر ، والليث : يدخل قبل طلوع الفجر ، واليوم ، والشهر عندهما سواء .
وفرق أبو ثور بين نذر الليالي ، والايام ، فقال : إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام ، دخل قبل طلوع الفجر ، وإذا نذر عشر ليال ، دخل قبل غروبها .
وقال الاوزاعي : يدخل في اعتكافه بعد صلاة الصبح .
والسبب في اختلافهم : معارضة الاقيسة بعضها بعضا ، ومعارضة الاثر لجميعها ، وذلك أنه من رأى أن أول الشهر ليله واعتبر الليالي قال : يدخل قبل مغيب الشمس ، ومن لم يعتبر الليال ، قال : يدخل قبل الفجر ، ومن رأى أن اسم اليوم يقع على الليل والنهار معا أوجب إن نذر يوما أن يدخل قبل غروب الشمس ، ومن رأى أنه إنما ينطبق على النهار ، أوجب الدخول قبل طلوع الفجر ، ومن رأى أن اسم اليوم خاص بالنهار واسم الليل بالليل فرق بين أن ينذر أياما أو ليالي .
والحق أن اسم اليوم في كلام العرب قد يقال على النهار مفردا وقد يقال على الليل ، والنهار معا ، لكن يشبه أن يكون دلالته الاولى إنما هي على النهار ، ودلالته على الليل بطريق اللزوم .
وأما الاثر المخالف لهذه الاقيسة كلها : فهو ما خرجه البخاري ، وغيره من أهل الصحيح عن عائشة قالت : كان رسول الله ( ص ) يعتكف في رمضان ، وإذا صلى الغداة ، دخل مكانه الذي كان يعتكف فيه .
وأما وقت خروجه : فإن مالكا رأى أن يخرج المعتكف العشر الاواخر من رمضان من المسجد إلى صلاة العيد على جهة الاستحباب ، وأنه إن خرج بعد غروب الشمس ، أجزأ .
وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : بل يخرج بعد غروب الشمس وقال سحنون ، وابن الماجشون : إن رجع إلى بيته قبل صلاة العيد ، فسد اعتكافه .
وسبب الاختلاف : هل الليلة الباقية ، هي من حكم العشر ، أم لا ؟ وأما شروطه فثلاثة : 1 – النية ، 2 – والصيام ، 3 – وترك مباشرة النساء .
أما النية ، فلا أعلم فيها اختلافا ، وأما الصيام ،فإنهم اختلفوا فيه فذهب مالك ، وأبو حنيفة ، وجماعة إلى أنه لا اعتكا ف إلا بالصوم وقال الشافعي : الاعتكاف جائز بغير صوم .
وبقول مالك قال من الصحابة ابن عمر ، وابن عباس على خلاف عنه في ذلك .
وبقول الشافعي قال علي ، وابمسعود .
والسبب في اختلافهم :