پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص248

معينة وأنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص لما أكثر الصيام : أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قال : فقلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال : خمسا قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك قال : سبعا قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، قال تسعا ، قلت : يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك قال أحد عشر قلت يا رسول الله إني أطيق أكثر من ذلك ، فقال عليه الصلاة والسلام : لا صوم فوق صيام داود ، شطر الدهر صيام يوم وإفطار يوم .

وخرج أبو داود أنه كان يصوم يوم الاثنين ، ويوم الخميس وثبت أنه لم يستتم قط شهرا بالصيام غير رمضان ، وأن أكثر صيامه كان في شعبان .

وأما الايام المنهي عنها : فمنها أيضا متفق عليها ، ومنها مختلف فيها ، أما المتفق عليها ، فيوم الفطر ، ويوم الاضحى لثبوت النهي عن صيامهما .

وأما المختلف فيها فأيام التشريق ويوم الشك ويوم الجمعة ويوم السبت والنصف الآخر من شعبان وصيام الدهر ، أما أيام التشريق ، فإن أهل الظاهر ، لم يجيزوا الصوم فيها وقوم أجازوا ذلك فيها ، وقوم كرهوه ، وبه قال مالك إلا أنه أجاز صيامها لمن وجب عليه الصوم في الحج ، وهو المتمتع وهذه الايام هي الثلاثة الايام التي بعد يوم النحر .

والسبب في اختلافهم : تردد قوله عليه الصلاة والسلام في أنها أيام أكل وشرب بين أن يحمل على الوجوب ، أو على الندب ، فمن حمله على الوجوب قال : الصوم يحرم ، ومن حمله على الندب قال : الصوم مكروه ، ويشبه أن يكون من حمله على الندب ، إنما صار إلى ذلك ، وغلبه على الاصل الذي هو حمله على الوجوب ، لانه رأى أنه إن حمله على الوجوب عارضه حديث أبي سعيد الخدري الثابت بدليل الخطاب ، وهو أنه قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : لا يصح الصيام في يومين : يوم الفطر من رمضان ، ويوم النحر .

فدليل الخطاب يقتضي أن ما عدا هذين اليومين يصح الصيام فيه ، وإلا كان تخصيصهما عبثا ، لا فائدة فيه .

وأما يوم الجمعة : فإن قوما لم يكرهوا صيامه ، ومن هؤلاء مالك وأصحابه ، وجماعة ، وقوم كرهوا صيامه إلا أن يصام قبله ، أو بعده .

والسبب في اختلافهم : اختلافالآثار في ذلك ، فمنها حديث ابن مسعود أن النبي ( ص ) كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، قال : وما رأيته يفطر يوم الجمعة وهو حديث صحيح .

ومنها حديث جابر أن سائلا سأل جابرا : أسمعت رسول الله ( ص ) نهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم ؟ قال : نعم ورب هذا البيت خرجه مسلم .

ومنها حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ص ) لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله ، أو يصوم بعده خرجه أيضا مسلم فمن أخذ بظاهر حديث ابن مسعود ، أجاز صيام يوم الجمعة مطلقا ، ومن أخذ بظاهر حديث جابر ، كرهه مطلقا ، ومن أخذ بحديث أبي هريرة ، جمع بين الحديثين ، أعني حديث جابر ، وحديث ابن مسعود .

وأما يوم الشك : فإن جمهور العلماء على النهي عن صيام يوم الشك على أنه من رمضان ، لظواهر الاحاديث التي يوجب مفهومها تعلق الصوم بالرؤية ، أو بإكمال العد إلا