پایگاه تخصصی فقه هنر

بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص233

ليس بمغذ ، وفيما يرد الجوف من غير منفذ الطعام ، والشراب مثل الحقنة ، وفيما يرد باطن سائر الاعضاء ، ولا يرد الجوف مثل أن يرد الدماغ ، ولا يرد المعدة .

وسبب اختلافهم في هذه : هو قيا س المغذي على غير المغذي ، وذلك أن المنطوق به إنما هو المغذي ، فمن رأى أن المقصود بالصوم معنى معقول ، لم يلحق المغذي بغير المغذي ، ومن رأى أنها عبادة غير معقولة ، وأن المقصود منها ، إنما هو الامساك فقط عما يرد الجوف سوى بين المغذي ، وغير المغذي .

وتحصيل مذهب مالك أنه يجب الامساك عما يصل إلى الحلق من أي المنافذ وصل مغذيا كان ، أو غير مغذ .

وأما ما عدا المأكول ، والمشروب من المفطرات ، فكلهم يقولون : إن من قبل ، فأمنى ، فقد أفطر ، وإن أمذى فلم يفطر إلا مالك .

واختلفوا في القبلة للصائم ، فمنهم من أجازها ، ومنهم من كرهها للشاب ، وأجازها للشيخ ، ومنهم من كرهها على الاطلاق فمن رخص فيها ، فلما روي من حديث عائشة ، وأم سلمة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل ، وهو صائم .

ومن كرهها ، فلما يدعو إليه من الوقاع وشذ قوم ،فقالوا : القبلة تفطر .

واحتجوا لذلك بما روي عن ميمونة بنت سعد ، قالت : سئل رسول الله ( ص ) عن القبلة للصائم ، فقال : أفطرا جميعا خرج هذا الاثر الطحاوي ، ولكن ضعفه .

وأما ما يقع من هذه من قبل الغلبة ، ومن قبل النسيان ، فالكلام فيه عند الكلام في المفطرات ، وأحكامها .

وأما ما اختلفوا فيه مما هو منطوق به ، فالحجامة ، والقئ .

أما الحجامة ، فإن فيها ثلاثة مذاهب ، قوم قالوا : إنها تفطر ، وأن الامساك عنها واجب ، وبه قال أحمد ، وداود ، والاوزاعي ، وإسحق بن راهويه وقوم قالوا : إنها مكروهة للصائم ، وليست تفطر وبه قال مالك ، والشافعي ، والثوري وقوم قالوا : إنها غير مكروهة ، ولا مفطرة ، وبه قال أبو حنيفة ، وأصحابه .

وسبب اختلافهم : تعارض الآثار الواردة في ذلك ، وذلك أنه ورد في ذلك حديثان : أحدهما : ما روي من طريق ثوبان ، ومن طريق رافع بن خديج أنه عليه الصلاة والسلام قال : أفطر الحاجم ، والمحجوم وحديث ثوبان هذا كان يصححه أحمد .

والحديث الثاني : حديث عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ( ص ) احتجم ، وهو صائم وحديث ابن عباس هذا صحيح .

فذهب العلماء في هذين الحديثين ثلاثة مذاهب : أحدهما : مذهب الترجيح .

والثاني : مذهب الجمع .

والثالث : مذهب الاسقاط عند التعارض ، والرجوع إلى البراءة الاصلية ، إذا لم يعلم الناسخ من المنسوخ ، فمن ذهب مذهب الترجيح قال بحديث ثوبان وذلك أن هذا موجب حكما ، وحديث ابن عباس رافعه ، والموجب مرجح عند كثير من العلماء على الرافع ، لان الحكم إذا ثبت بطريق يوجب العمل ، لم يرتفع إلا بطريق يوجب العمل برفعه ، وحديث ثوبان قد وجب العمل به ، وحديث ابن عباس يحتمل أن يكون ناسخا ، ويحتمل أن يكون منسوخا ، وذلك شك ، والشك لا يوجب عملا ، ولا يرفع العلم الموجب للعمل ، وهذا على طريقة من لا يرى الشك مؤثرا في العلم ، ومن رام