بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص202
إلى أنها إذا كانت سائمة ، وقصد بها النسل أن فيها الزكاة ، أعني إذا كانت ذكرانا ، وإناثا .
والسبب في اختلافهم : معارضة القياس للفظ ، وما يظن من معارضة اللفظ للفظ فيها .
أما اللفظ الذي يقتضي أن لا زكاة فيها ، فقوله عليه الصلاة والسلام ليس على المسلم في عبده ، ولا في فرسه صدقة وأما القياس الذي عارض هذا العموم ، فهو أن الخيل السائمة حيوان مقصود به النماء ، والنسل ، فأشبه الابل ، والبقر .
وأما اللفظ الذي يظن أنه معارض لذلك العموم ، فهو قوله عليه الصلاة والسلام وقد ذكر الخيل ولم ينس حق الله في رقابها ، ولا ظهورها فذهب أبو حنيفة إلى أن حق الله هو الزكاة ، وذلك في السائمة منها .
قال القاضي : وأن يكون هذا اللفظ مجملا أحرى منه أن يكون عاما ، فيحتج به في الزكاة .
وخالف أبا حنيفة في هذه المسألة صاحباه أبو يوسف ، ومحمد .
وصح عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ منها الصدقة فقيل إنه كان باختيار منهم .
وأما ما اختلفوا في صنفه ، فهي السائمة من الابل ، والبقر ، والغنم من غير السائمة منها ، فإن قوما أوجبوا الزكاة في هذه الاصناف الثلاثة سائمة كانت ، أو غير سائمة ، وبه قال الليث ، ومالك .
وقال سائر فقهاء الامصار : لا زكاة في غير السائمة من هذه الانواع الثلاثة .
وسبب اختلافهم : معارضة المطلق للمقيد ، ومعارضة القياس لعموم اللفظ أما المطلق ، فقوله عليه الصلاة والسلام : في أربعين شاة شاة وأما المقيد ، فقوله عليه الصلاة والسلام في سائمة الغنم الزكاة .
فمن غلب المطلق على المقيد ، قال : الزكاة في السائمة ، وغير السائمة ، ومن غلب المقيد ، قال : الزكاة في السائمة منها فقط ، ويشبه أن يقال : إن من سبب الخلاف فيذلك أيضا معارضة دليل الخطاب للعموم ، وذلك أن دليل الخطاب في قوله عليه الصلاة والسلام في سائمة الغنم الزكاة يقتضي أن لا زكاة في غير السائمة ، وعموم قوله عليه الصلاة والسلام في كل أربعين شاة شاة يقتضي أن السائمة في هذا بمنزلة غير السائمة ، لكن العموم أقوى من دليل الخطاب ، كما أن تغليب المقيد على المطلق أشهر من تغليب المطلق على المقيد .
وذهب أبو محمد بن حزم إلى أن المطلق يقضي على المقيد ، وأن في الغنم سائمة ، وغير سائمة الزكاة ، وكذلك في الابل لقوله عليه الصلاة والسلام ليس فيما دون خمس ذود من الابل صدقة وأن البقر لما لم يثبت فيها أثر ، وجب أن يتمسك فيها بالاجماع ، وهو أن الزكاة في السائمة منها فقط فتكون التفرقة بين البقر ، وغيرها قولا ثالثا .
وأما القياس المعارض لعموم قوله عليه الصلاة والسلام فيها : في أربعين شاة شاة فهو أن السائمة هي التي المقصود منها النماء والربح ، وهو الموجود فيها أكثر ذلك ، والزكاة إنما هي فضلات الاموال ، والفضلات إنما توجد أكثر ذلك في الاموال السائمة ، ولذلك اشترط فيها الحول .
فمن خصص بهذا القياس ذلك العموم لم يوجب الزكاة في غير السائمة ، ومن لم يخصص ذلك ، ورأى أن العموم أقوى ، أوجب ذلك في الصنفين جميعا .
فهذا هو ما اختلفوا فيه من الحيوان التي تجب فيه الزكاة .
وأجمعوا : على أنه ليس فيما يخرج من الحيوان زكاة إلا العسل ، فإنهم اختلفوا فيه ، فالجمهور