بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص193
أبو حنيفة : يصلى عليه إذا نفخ فيه الروح ، وذلك أنه إذا كان له في بطن أمه أربعة أشهر فأكثر ، وبه قال ابن أبي ليلى .
وسبب اختلافهم في ذلك : معارضة المطلق للمقيد ، وذلك أنه روى الترمذي عن جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ) أنه قال : الطفل لا يصلى عليه ، ولا يرث ، ولا يورث حتى يستهل صارخا وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث المغيرة بن شعبة أنه قال : الطفل يصلى عليه .
فمن ذهب مذهب حديث جابر قال : ذلك عام ، وهذا مفسر ، فالواجب أن يحمل ذلك العموم على هذا التفسير فيكون معنى حديث المغيرة أن الطفل يصلى عليه إذا استهل صارخا ، ومن ذهب مذهب حديث المغيرة قال : معلوم أن المعتبر في الصلاة ، هو حكم الاسلام والحياة ، والطفلإذا تحرك ، فهو حي ، وحكمه حكم المسلمين ، وكل مسلم حي إذا مات صلي عليه ، فرجحوا هذا العموم على ذلك الخصوص لموضع موافقة القياس له .
ومن الناس من قال : لا يصلى على الاطفال أصلا وروى أبو داود : أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يصل على ابنه إبراهيم ، وهو ابثمانية أشهر وروى فيه : أنه صلى عليه ، وهو ابن سبعين ليلة .
واختلفوا في الصلاة على الاطفال المسبيين ، فذهب مالك في رواية البصريين عنه عقل الاسلام ، سواء سبي مع والديه ، أو لم يسب معهما وأن حكمه حكم أبويه إلا أن يسلم الاب ، فهو عنده تابع له دون الام .
ووافقه الشافعي على هذا إلا أنه إن أسلم أحد أبويه فهو عنده تابع لمن أسلم منهما ، لا للاب وحده على ما ذهب إليه مالك .
وقال أبو حنيفة : يصلى على الاطفال المسبيين ، وحكمهم حكم من سباهم وقال الاوزاعي : إذا ملكهم المسلمون صلي عليهم : يعني إذ بيعوا في السبي .
قال : وبهذا جرى العمل في الثغر ، وبه الفتيا فيه .
وأجمعوا على أنه إذا كانوا مع آبائهم ، ولم يملكهم مسلم ، ولا أسلم أحد أبويهم أن حكمهم حكم آبائهم .
والسبب في اختلافهم : اختلافهم في أطفال المشركين ، هل هم من أهل الجنة ، أو من أهل النار ؟ وذلك أنه جاء في بعض الاثار أنهم من آبائهم أي أن حكمهم حكم آبائهم ، ودليل قوله عليه الصلاة والسلام : كل مولود يولد على الفطرة أن حكمهم حكم المؤمنين .
وأما من أولى بالتقديم للصلاة على الجنازة ؟ فقيل : الولي ، وقيل الوالي : فمن قال الوالي شبهه بصلاة الجمعة من حيث هي صلاة جماعة ، ومن قال : الولي ، شبهها بسائر الحقوق التي الولي أحق بها ، مثل مواراته ، ودفنه ، وأكثر أهل العلم على أن الوالي بها أحق ، قال أبو بكر بن المنذر : وقدم الحسين بن علي سعيد بن العاص وهو والي المدينة ، ليصلي على الحسن بن علي ، وقال : لولا أنها سنة ما تقدمت ، قال أبو بكر : وبه أقول .
وأكثر العلماء على أنه لا يصلى إلا على الحاضر وقال بعضهم : يصلى على الغائب ، لحديث النجاشي والجمهور على أن ذلك خاص بالنجاشي وحده .
واختلفوا هل يصلى على بعض الجسد ؟ والجمهور