بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص188
الباب الخامس : في الصلاة على الجنازة وهذه الجملة يتعلق بها بعد معرفة وجوبها فصول : أحدها : في صفة صلاة الجنازة .
والثاني : على من يصلى ومن أولى بالصلاة .
والثالث : في وقت هذه الصلاة .
والرابع : في موضع هذه الصلاة .
والخامس : في شروط هذه الصلاة .
الفصل الاول في صفة صلاة الجنازة فأما صفة الصلاة ، فإنها يتعلق بها مسائل : المسألة الاولى : اختلفوا في عدد التكبير في الصدر الاول اختلافا كثيرا من ثلاث إلى سبع : أعني الصحابة رضي الله عنهم ، ولكن فقهاء الامصار على أن التكبير في الجنازة أربع إلا ابن أبي ليلى ، وجابر بن زيد ، فإنهما كانا يقولان : إنها خمس .
وسبب الاختلاف : اختلاف الاثار في ذلك ، وذلك أنه روي من حديث أبي هريرة : أن رسول الله ( ص ) نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى ، فصف بهم ، وكبر أربع تكبيرات .
وهو حديث متفق على صحته ، ولذلك أخذ به جمهور فقهاء الامصار .
وجاء في هذا المعنى أيضا من : أنه عليه الصلاة والسلام صلى على قبر مسكينة ، فكبر عليها أربعا .
وروى مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان زيد بن أرقم يكبر على الجنائز أربعا ، وأنه كبر على جنازة خمسا ، فسألناه ، فقال : كان رسول الله ( ص ) يكبرها كان النبي ( ص ) يكبر على الجنائز أربعا ، وخمسا ، وستا ، وسبعا ، وثمانيا حتى مات النجاشي ، فصف الناس وراءه ، وكبر أربعا ، ثم ثبت ( ص ) على أربع حتى توفاه الله وهذا فيه حجة لائحة للجمهور .
وأجمع العلماء على رفع اليدين في أول التكبير على الجنازة ، واختلفوا في سائر التكبير ، فقال قوم : يرفع ، وقال قوم : لا يرفع ، وروى الترمذي عن أبي هريرة : أن رسول الله ( ص ) كبر في جنازة ، فرفع يديه في أول التكبير ، ووضع يده اليمنى على اليسرى فمن ذهب إلى ظاهر هذا الاثر ، وكان مذهبه في الصلاة أنه لا يرفع إلا في أول التكبير ، قال : الرفع في أول التكبير ومن قال : يرفع في كل تكبير ، شبه التكبير الثاني بالاول ، لانه كله يفعل في حال القيام والاستواء .
المسألة الثانية : اختلف الناس في القراءة في صلاة الجنازة ، فقال مالك وأبو حنيفة : ليس فيها قراءة ، إنما هو الدعاء وقال مالك : قراءة فاتحة الكتاب فيها ليس بمعمول به في بلدنا بحال ، قال : وإنما يحمد الله ، ويثنى عليه بعد التكبيرة الاولى ، ثم يكبر الثانية ، فيصلي على النبي ( ص ) ، ثم يكبر الثالثة ، فيشفع للميت ، ثم يكبر الرابعة ، ويسلم .
وقال الشافعي : يقرأبعد التكبيرة الاولى بفاتحة الكتاب ، ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل ذلك وبه قال أحمد ، وداود .
وسبب اختلافهم : معارضة العمل للاثر ، وهل يتناول أيضا اسم الصلاة صلاة