بدایة المجتهد و نهایة المقتصد-ج1-ص169
ذلك ، فمؤتلف غير مختلف لان الاعتبار في ذلك ، لتجلي الكسوف ، فالزيادة في الركوع إنما تقع بحسب اختلاف التجلي في الكسوفات التي صلى فيها .
وروي عن العلاء بن زياد أنه كان يرى أن المصلي ينظر إلى الشمس إذا رفع رأسه من الركوع ، فإن كانت قد تجلت : سجد ، وأضاف إليها ركعة ثانية ، وإن كانت لم تنجل ، ركع في الركعة الواحدة ركعة ثانية : ثم نظر إلى الشمس ، فإن كانت تجلت ، سجد ، وأضاف إليها ثانية ، وإن كانت لم تنجل ، ركع ثالثة في الركعة الاولى ، وهكذا حتى تنجلي وكان إسحاق بن راهويه يقول : لا يتعدى بذلك أربع ركعات في كل ركعة ، لانه لم يثبت عن النبي ( ص ) أكثر من ذلك .
وقال أبوبكبن المنذر : وكان بعض أصحابنا يقول : الاختيار في صلاة الكسوف ثابت عين ، وإن شاء ثلاثة وإن شاء أربعة ، ولم يصح عنده ذلك ، قال : وهذا يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى في كسوفات كثيرة .
قال القاضي : هذا الذي ذكره هو الذي خرجه مسلم ، ولا أدري كيف قال أبو عمر فيها إنها وردت من طرق ضعيفة ، وأما عشر ركعا ت في ركعتين ، فإنما أخرجه أبو داود فقط .
المسألة الثانية : واختلفوا في القراءة فيها ، فذهب مالك والشافعي إلى أن القراءة فيها سر وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن ، وأحمد ، وإسحاق بن راهويه يجهر بالقراءة فيها .
والسبب في اختلافهم : اختلاف الاثار في ذلك بمفهومها ، وبصيغها ، وذلك أن مفهوم حديث ابن عباس الثابت أنه قرأ سرا لقوله فيه عنه عليه الصلاة والسلام : فقام قياما نحوا من سورة البقرة وقد روي هذا المعنى نصا عنه أنه قال : قمت إلى جنب رسول الله ( ص ) ، فما سمعت منه حرفا .
وقد روي أيضا من طريق ابن إسحاق عن عائشة في صلاة الكسوف أنها قالت : تحريت قراءته فحزرت أنه قرأ سورة البقرة .
فمن رجح هذه الاحاديث قال : القراءة فيها سر .
ولمكان ما جاء في هذه الاثار ، استحب مالك والشافعي أن يقرأ في الاولى البقرة ، وفي الثانية آل عمران ، وفي الثالثة بقدر مائة وخمسين آية من البقرة ، وفي الرابعة بقدر خمسين آية من البقرة ، وفي كل واحدة أم القرآن ، ورجحوا أيضا مذهبهم هذا بما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : صلاة النهار عجماء .
ووردت هاهنا أيضا أحاديث مخالفة لهذه ، فمنها أنه روي : أنه عليه الصلاة والسلام ، قرأ في إحدى الركعتين من صلاة الكسوف بالنجم مفهوم هدا أنه جهر وكان .
أحمد ، وإسحاق يحتجان لهذا المذهب بحديث سفيان بن الحسن عن الزهري عن عروة عن عائشة : أن النبي عليه الصلاة والسلام جهر بالقراءة في كسوف الشمس .
قال أبو عمر : سفيان بن الحسن ليس بالقوي ، وقال : وقد تابعه على ذلك عن الزهري عن عبد الرحمن بن سليمان بن كثير ، وكلهم ليس في حديث الزهري ، مع أن حديث ابن إسحاق المتقدم عن عائشة يعارضه .